للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(طرح) مال التجارة (أو لا بقيمته) أي بقيمة المطروح متعلق بوزع (يوم التلف): متعلق بقيمته، فيقال: ما قيمة المطروح يوم طرحه؟ فإذا قيل: مائة، وما قيمة ما لم يطرح؟ فإذا قيل مائتان، فصار قيمة الجميع ثلاثمائة فقد ضاع ثلث المال، فيرجع على من لم يطرح ماله بثلث قيمته. ولو قيل بعكس ما تقدم رجع على من لم يطرح ماله بالثلثين؛ ولو كان اثنان لأحدهما ما يساوي ثلاثمائة وللثاني ما يساوي ستمائة، وطرح من الأول ما يساوي مائة ومن الثاني ما يساوي مائتين، فلا رجوع لأحدهما على الآخر؛ لأن ما طرح ثلث الجميع وعلى كل ثلث ما بيده، وقد حصل. ولو كان الطرح بالعكس، بأن طرح لذي الستمائة ما يساوي مائة ولذي الثلثمائة ما يساوي مائتين، لرجع على ذي الستمائة بمائة.

(والقول) عند التنازع (لمن طرح متاعه فيما يشبه) بيمينه، فإن لم يشبه فقول غيره. ولو وجد إنسان ما طرح، فهل يملكه؟ لأنه بطرحه زال ملك ربه عنه، أو لقطة يرد لربه إن علم؟ وهو الأصح.

(فصل) [١]

الجعالة في العرف: (التزام أهل الإجارة): وهو المتأهل لعقدها؛ وهو العاقل (عوضاً علم): خرج المجهول، فلا يصح جعالة ولا إجارة؛ كالبيع، (لتحصيل أمر) من أمور؛ كإتيان بشيء وحمل وحفر، وخرج بذلك البيع، (يستحقه السامع) للملتزم العوض ولو لم يخاطبه (بالتمام) للعمل المطلوب وتمامه: بتحصيل ثمرته. وخرج بذلك الإجارة. ومفهومه أنه إذا لم يتم العمل فلا يستحق شيئاً، وهو كذلك. واستثنى من ذلك المفهوم قوله: (إلا أن يتمه غيره): أي بأجر قل أو كثر بدليل قوله: (فبنسبة الثاني): أي فإن أتمه غيره فللأول من الأجر بنسبة أجر عمل العامل الثاني، ولو كان الثاني أكثر من الأول؛ لأن الجاعل حينئذ قد انتفع بما عمله له الأول، مثاله: أن يجعل للأول خمسة على أن يحمل له خشبة لمكان معلوم، فحملها لنصف الطريق وتركها. فجعل لآخر عشرة على أن يوصلها لذلك المكان فأوصلها؛ فللأول عشرة مثل الثاني لأن الثاني لما استؤجر من نصف الطريق بعشرة علم أن أجرة الطريق كلها عشرون، وكان النظر أن ينظر لكراء المثل لأن رب الخشبة قد يخاف عليها الضياع

ــ

في شأن التجارة.

قوله: [طرح مال التجارة]: هكذا لفظ المتن والشرح في نسخة المؤلف ولعل المتن سقط منه ما والأصل ما طرح وسقط من الشارح من الأصل ووزع على مال التجارة فقط ما طرح من مال التجارة أولاً، وبعد ذلك فلا مفهوم لمال التجارة بل يوزع على مال التجارة ما طرح للنجاة كان من مال التجارة أو غيره فتأمل.

قوله: [ولو قيل بعكس ما تقدم]: أي بأن قيل قيمة المطروح مائتان وقيمة ما لم يطرح مائة.

قوله: [رجع على من لم يطرح ماله بالثلثين]: أي فيصير الباقي لكل ثلث ماله.

قوله: [وهو الأصح]: أي لأن الطرح أمر قهري فليس صاحبه معرضاً عنه اختياراً.

فصل في الجعالة

أفرده عن الإجارة لاختصاصه ببعض أحكام.

والجعالة بفتح الجيم وكسرها وضمها ما يجعل على العمل وهو رخصة فهو أصل منفرد لا يقاس عليه، وقد أنكره جماعة من العلماء ورأوا أنه من الغرر والخطر؛ ورد عليهم بوروده في قوله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [يوسف: ٧٢] مع العمل من كافة المسلمين، وقوله عليه الصلاة والسلام يوم حنين: «من قتل قتيلاً فله سلبه».

قوله: [في العرف]: أي وأما في اللغة فهو المال المجعول.

قوله: [التزام أهل الإجارة]: قد تقدم أنه أحال عاقد الإجارة على البيع وأحال الجعل هنا على الإجارة؛ لأن الجعل للإجارة أقرب. وأشار إلى أن الأصل في بيع المنافع الإجارة والجعل تابع لها.

قوله: [وهو العاقل]: أي المكلف الرشيد الطائع، وهذا شرط في اللزوم لدافع العوض.

وأما أصل الصحة فيتوقف على التمييز وتقدم ذلك في باب الإجارة واكتفى بشرط الجاعل عن شرط المجعول له؛ لأن ما كان شرطاً في الجاعل كان شرطاً في المجعول له فاكتفى بأحد المتعاقدين، وإلا لقال عوضاً وعملاً ليكون قوله التزام إلخ شرطاً في المجعول له أيضاً.

قوله: [علم]: أي قدره وباقي صفاته التي تميزه وهذا شامل للعين وغيرها، وإنما نص على علم العوض دون غيره من بقية شروطه مثل كونه طاهراً منتفعاً به مقدوراً على تسليمه لدفع توهم عدم اشتراط علمه لحصول الصحة بالعوض المجهول كما لا يشترط العلم بالمجاعل عليه، بل تارة يكون مجهولاً كالآبق فإنه لا بد في صحة الجعل على الإتيان به من عدم علم مكانه كما يأتي، وتارة يكون معلوماً كالمجاعلة على حفر بئر فإنه يشترط فيه خبرة الأرض ومائها. كذا في حاشية الأصل.

قوله [وخرج بذلك البيع]: أي بقوله لتحصيل أمر؛ لأن التحصيل فعل من الأفعال لا ذات والبيع في الذوات.

قوله: [يستحقه السامع]: أي ولو بواسطة ولو حددت الوسائط إن ثبت أن الجاعل وقع منه ذلك، وقوله: يستحقه في قوة الحصر، أي لا يستحقه إلا بالتمام.

قوله: [وهو كذلك]: أي: وكان القياس أن له أجر عمله جرياً على الإجارة، ولكن جاءت السنة بعدم لزوم أجرة عمل لم يتم في الجعالة، وبقيت الإجارة على حالها.

قوله: [فبنسبة الثاني]: هذا الذي قاله المصنف قول مالك وقال ابن القاسم له قيمة عمله.

قوله: [أن ينظر لكراء المثل]: أي كما


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (في الجعالة).

<<  <  ج: ص:  >  >>