للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي إجارة لازمة بالعقد لا جعالة (إلا أن يتمم [١] العمل غيره): أي غير الأول. فإذا عطبت في أثناء الطريق، فجاء رب سفينة أخرى فحمل ما فيها إلى المحل المقصود بأجرة كثيرة أو قليلة (فللأول) الذي غرقت سفينته (بحسب كرائه) لا بحسب الكراء الثاني. فإن غرق بعض ما فيها ونجا البعض فحمله غيره إلى المحل فلا كراء لما غرق، وإنما له كراء ما بقي إلى محل الغرق على حسب الكراء الأول لا بنسبة الثاني. وهذا فيما إذا لم يعقد على الجعالة وهي غير لازمة كما يأتي.

فإن عقدا عليها؛ كما لو قال: إن حملت متاعي هذا أو: كل من حمله إلى القاهرة فله كذا، فحمله إنسان في سفينته فغرقت فحمله غيره بكراء أو جعل فله بحساب الثاني كما يأتي في الجعالة. وسيأتي أيضاً أن ما جاز جعالة جاز إجارة ولا عكس.

(كمشارطة طبيب على البرء) فلا يستحق الأجرة إلا بحصوله، فإن ترك قبل البرء فلا شيء له، إلا أن يتمم غيره فله بحساب كرائه الأول، فإن لم يجعل الأجرة على البرء فله بحساب ما عمل.

(و) مشارطة (معلم على حفظ قرآن) كلاً أو بعضاً، فلا أجرة له إلا بالحفظ وكذا معلم صنعة: على أنه إن تعلمها فللمعلم كذا.

(و) مشارطة (حافر بئر على استخراج الماء) فلا يستحق الحافر أجرة إلا بالتمام واعترض هذا الفرع ابن عبد السلام: بأنه من الجعالة لا من الإجارة، ويجاب: بأنه يمكن جعله من الإجارة إذا كان بأرض مملوكة ودخلا على الإجارة.

(وإن فرط) رب الأمتعة (بعد البلاغ): أي بلاغ السفينة للمحل المقصود (في إخراج ما فيها): أي السفينة من الأمتعة (فتلف) ما فيها بغرق أو غيره (فالكراء) لازم لربها (كأن أخرج) ما فيها (في الأثناء): أي في أثناء الطريق أي أخرجه ربه اختياراً منه (لغير علة) تقتضي الإخراج: أي لغير علة حدثت بالسفينة من غرق أو عطب أو غصب لها، فيلزم ربه جميع الكراء لأنه عقد لازم.

(وجاز إن خيف) عليها (الغرق [٢] ما به): أي فعل ما في طرحه منها (النجاة) من الغرق (غير آدمي) وأما الآدمي فلا يجوز طرحه ولو عبداً أو كافراً فلا يجوز طرح ذمي لنجاة مسلم ولا طرح عبد لنجاة حر.

(وبدئ) في الطرح (بما ثقل): كالحديد والرصاص، وبدئ منه بما قل ثمنه كالحجر (أو عظم جرمه) وإن لم يثقل: كالتبن والكتان والقطن.

(ووزع) ما طرح (على مال التجارة فقط): أي دون غيره، كفرش الإنسان وغطائه وزاده مما ليس في التجارة فيه مدخل

ــ

يبدأ ربه واشتركا إن حلفا أو نكلا وقضى للحالف على الناكل بخلاف ما لو اختلفا في لت السويق فقال اللات: أمرتني أن ألته بخمسة أرطال من سمن، وقال ربه: ما أمرتك بشيء أصلاً بل سرق مني أو غصب فلا يحلفان ولا يشتركان، بل يقال لربه: ادفع له قيمة ما ادعاه فإن أبى قيل للات ادفع له مثل السويق غير ملتوت. كذا في الأصل.

قوله: [وهي إجارة لازمة بالعقد لا جعالة]: أي ما لم يصرح عند العقد بالجعالة وإلا كانت جعالة غير لازمة ولها حكم يخصها كما يأتي.

قوله: [فإذا عطبت في أثناء الطريق]: المراد منعها من السفر مانع قهري، وأما لو أخرج ما في السفينة باختياره فأكرى ربه عليه فلا شيء للأول من الأجر، كما أنه لو خرج الراكب في السفينة قبل البلاغ باختياره لزمه جميع الأجر وسيأتي إيضاحه في الشارح.

قوله: [بحسب كرائه] إلخ: أي كما إذا كان كراء، الأول عشرة وغرقت في نصف الطريق فاستأجر عليها بعشرين فليس للأول إلا خمسة، ولو كان له بنسبة الثاني لكان له عشرون.

قوله: [فله بحساب الثاني كما يأتي في الجعالة]: أي في قوله إلا أن يتمه غيره فبنسبة الثاني.

قوله: [وسيأتي أيضاً أن ما جاز جعالة] إلخ: أي في قوله وكل ما جاز فيه الجعل جازت فيه الإجارة ولا عكس.

قوله: [فله بحساب ما عمل]: أي وإن لم يحصل برء به ولا بغيره.

قوله: [فلا أجرة له إلا بالحفظ]: أي فإن لم يجعل الأجرة على الحفظ، بل على التعليم كان له الأجر بحساب ما عمله حصل حفظ أم لا.

قوله: [ويجاب بأنه يمكن] إلخ: أي لما يأتي من أن كل ما جازت فيه الجعالة جازت فيه الإجارة.

قوله: [فيلزم ربه جميع الكراء] إلخ: لا فرق في هذا بين كون العقد جعالة أو إجارة.

قوله: [ما به]: أي فعل ما به النجاة من طرح أو غيره، ومراده بالجواز الإذن الصادق بالوجوب؛ لأن هذا الأمر واجب إذا تحقق العطب بالترك.

قوله: [وأما الآدمي فلا يجوز طرحه]: أي خلافاً للخمي القائل بجواز طرح الآدميين بالقرعة؛ لأن هذا كالخرق للإجماع؛ لأنه لا يجوز إماتة أحد من الآدميين لنجاة غيره.

قوله: [وبدئ في الطرح بما ثقل] إلخ: أي وجوباً لأجل المحافظة على المال لأنه يجب المحافظة بقدر الإمكان.

قوله: [جرمه]: بكسر الجيم أي جسمه.

قوله: [وإن لم يثقل]: أي لأن عظم الشيء يكون سبباً في الغرق.

قوله: [ووزع ما طرح على مال التجارة]: أي إن كان فيها مال تجارة وغيره، وأما إذا لم يكن فيها مال تجارة وإنما فيها ذوات الآدميين وغطاؤهم ووطاؤهم فيرمي الغطاء والوطاء ويوزع على باقي أموالهم على الظاهر.

قوله: [في التجارة فيه مدخل]: هكذا نسخة المؤلف والكلام فيها على التقديم والتأخير والأصل مما ليس فيه مدخل


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يتم)، ولعلها الصواب كما في أقرب المسالك.
[٢] زاد بعدها في ط المعارف: (طرح).

<<  <  ج: ص:  >  >>