للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل يقدر بقدر ثلاث ركعات بعد تحصيل شروطها من طهارة حدث وخبث وستر عورة، وجاز لمن كان محصلاً لها تأخيرها بقدر تحصيلها.

(وللعشاء من غروب الشفق - الأحمر للثلث الأول): أي والمختار للعشاء من غياب الشفق الأحمر فلا ينتظر غياب الأبيض إلى ثلث الليل الأول، قال في الرسالة: فإذا لم يبق في المغرب حمرة ولا صفرة فقد وجبت الصلاة.

(وللصبح من طلوع الفجر الصادق للإسفار البين): أي وأول المختار لصلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق وهو ما ينتشر ضياؤه حتى يعم الأفق، احترازاً من الكاذب: وهو الذي لا ينتشر بل يخرج مستطيلاً يطلب وسط السماء دقيقاً يشبه ذنب السرحان أي الذئب. ثم يذهب ثم يخرج الفجر الصادق. وينتهي مختاره إلى الإسفار البين: أي الذي تظهر فيه الوجوه ظهوراً بيناً وتختفي فيه النجوم،

ــ

ولمراعاته أجازوا التطويل فيها والتأخير للمسافر كما في الحاشية.

قوله: [من طهارة حدث] إلخ: أي مائية صغرى وكبرى لا تيمم، ولو كان من أهله لأن الوقت لا يختلف باختلاف الأشخاص. ويعتبر طهارة المتوسط بحسب غالب الناس واستقبال، ويزاد أذان وإقامة. وما ذكره المصنف في وقت المغرب المختار بالنسبة للابتداء لجواز التطويل بعد الدخول فيها وبالنسبة للمقيم، وأما المسافر فلا بأس أن يمد ويسير بعد الغروب الميل ونحوه ثم نزل ويصلي كما في المدونة.

قوله: [وللعشاء]: اختلف في جواز تسميتها بالعتمة.

قوله: [من غروب الشفق] إلخ: هذا هو المعروف من المذهب. وعليه أكثر العلماء، قال ابن ناجي ونقل ابن هارون عن ابن القاسم نحو ما لأبي حنيفة من أن مختار العشاء من غروب البياض، وهو يتأخر عن غروب الحمرة - لا أعرفه - وأما البلاد التي يطلع فجرها قبل غيبوبة الشفق أسقط الحنفية عنهم العشاء كمن سقط له عضو من أعضاء الوضوء، فيسقط عنه غسله. وقدر الشافعية بأقرب البلاد لهم، واختاره القرافي من أئمتنا، فتكون العشاء أداء عليه. قال شيخنا في حاشية مجموعه: ظاهر هذا أن التقدير معناه تعليق الحكم بغيبوبة شفق أقرب مكان لهم، فإذا غاب وجبت عليهم العشاء بعد فجرهم، فهو أداء لأنه غاية ما في قدرتهم إذ لا عشاء إلا بغيبوبة شفق، وهذا أسبق شفق غاب لهم، ولكن الظاهر أن وجوبها مضيق كقضاء الفائتة نظراً لطلوع فجرهم، وهذا - أعني تعليق الحكم بشفق غيرهم - أنسب بما قالوه عندنا من عدم اعتبار اختلاف المطالع في هلال رمضان، وأنه يجب في قطر برؤيته في قطر آخر. والذي ذكره بعض حواشي شرح المنهج أن يقدر لهم مدة شفق من ليلهم بنسبة مدة شفق غيرهم لليله، فإذا كان الشفق يغيب في أقرب مكان لهم في ساعة ومدة الليل في ذلك المكان من الغروب للفجر ثمان ساعات، فغيبوبة الشفق في الثمن. فإذا كان ليل هؤلاء من الغروب للفجر اثنتي عشرة درجة فوقت العشاء بعد الغروب بدرجة ونصف، وهو أنسب بقواعدهم أعني الشافعية من اعتبار اختلاف المطالع، وإن لكل مكان حكم نفسه. انتهى بحروفه. وقد قلت في هذا المعنى:

قل للفقيه الذي في عصره انفردا ... بكل فن وكم من معضل مهدا

ماذا عشا أديت والفجر قد طلعا ... وقبل أن يطلع البطلان قد وردا

وجوابه:

هي البلاد التي لاح الصباح بها ... من قبل غيب الشفق يا صاح فاعتمدا

قول القرافي بتقدير القريب لهم ... من البلاد حباك الله كل ندا

ولكن هذا السؤال والجواب لا يتم إلا على أن التقدير معناه تعليق الحكم بغيبوبة شفق أقرب مكان لهم. فإذا غاب وجب عليهم العشاء بعد فجرهم الذي صدر به الشيخ في أول عبارته في الحاشية. وأما على ما نقله عن بعض حواشي شرح المنهج العشاء قبل الفجر قطعاً فلا يأتي سؤال ولا جواب، فافهم.

قوله: [الثلث الأول]: أي محسوباً من الغيبوبة ممتداً للثلث، وقيل إن اختياري العشاء يمتد للفجر، وعليه فلا ضروري لها. وهو مذهب الشافعية وفيه فسحة.

قوله: [وهو ما ينتشر ضياؤه]: أي في جهة القبلة وفي جهة دبرها حتى يعم الأفق، وظاهر قوله: [ينتشر ضياؤه]: أن الفجر الصادق غير الضوء وليس كذلك، بل هو ضوء الشمس السابق عليها، فالأولى أن يحذف "ضياؤه" ويقول: وهو ما ينتشر حتى إلخ.

قوله: [يطلب وسط السماء]: أي فهو بياض دقيق يخرج من الأفق ويصعد في كبد السماء بغير انتشار بل بحذائه ظلمة من الجانبين.

قوله: السرحان: بكسر السين مشترك بين الذئب والأسد، والمراد أنه يشبه ذنب السرحان الأسود، وذلك لأن الفجر الكاذب بياض مختلط بسواد، والسرحان الأسود لونه مظلم وباطن ذنبه أبيض.

قوله: [تظهر فيه الوجوه]: أي بالبصر المتوسط في محل لا سقف فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>