للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأقسام الثلاثة. (وصح القبول) بعد المانع (إن) كان (قبض ليتروى) في أمره هل يقبل أو لا، ثم بدا له القبول بعد الموت بخلاف التي قبلها عند ابن القاسم؛ لأنه في التي قبلها استمر على قبض الوديعة الأصلي وفي هذه حصل منه إنشاء قبض بعد الهبة وهو أقوى (كأن جدّ) الموهوب له (فيه) أي في الحوز أي قبض الهبة من الواهب والواهب يسوف به حتى مات (أو) جد (في تزكية شاهده) حيث أنكر الواهب الهبة فأقام الموهوب له بينة عليها فاحتاجت لتزكية فجد في تزكيتها (فمات) الواهب قبل التزكية فتصح الهبة ويأخذها الموهوب له بعد التزكية لتنزيل الجد المذكور منزلة الحوز فالمراد بالشاهد الجنس.

(و) صح (حوز مخدم) لعبد فـ "مخدم" بالفتح (و) حوز (مستعير) لعبد أو غيره (و) حوز (مودع) بالفتح أي أن من أخدم عبده لشخص أو أعاره أو أودع شيئاً عند شخص، ثم وهبه لشخص آخر، فمات الواهب قبل مضي مدة الإخدام أو الإعارة أو قبل أخذ الوديعة من المودع، فإن حيازة من ذكر صحيحة وللموهوب له أخذ الهبة، ولا كلام لوارث الواهب بأن المانع حصل قبل حوز الموهوب له؛ لأن حوز من ذكر صحيح شرعاً إذا علموا بأن ما تحت أيديهم وهبه ربه لزيد، بل (ولو لم يعلموا) على المعتمد قال في المدونة: وأما العبد المخدم والمعار إلى أجل فقبض المخدم والمستعير له قبض للموهوب، وهو من رأس المال إن مات الواهب قبل ذلك. انتهى. والنقل عن ابن رشد وغيره: أنه لا يشترط علم الأولين بذلك ولا رضاهما، وقيد الشيخ المودع بالعلم، وهو قول ابن القاسم ورجحه اللخمي وغيره. ولكن اعتمد بعضهم صحة حوز الثلاثة ولو لم يعلموا بالهبة.

(لا) يصح حوز (غاصب) لشيء وهبه ربه لغير غاصبه؛ لأن الغاصب لم يقبض للموهوب له، بل قبض لنفسه فلا يكون قبضه حوزاً إلا إذا كان الموهوب له غائباً وأمره ربه أي يحوزه له فإنه يصح كما قاله أبو الحسن أخذاً له من المدونة فقول العلامة الخرشي قوله: ولا أمره به، يقتضي أنه لو أمره به لجاز إلخ محمول عند أبي الحسن عن الغائب لا الحاضر الرشيد، فلا يصح حوز غاصب له ولو أمره ربه بالحوز، والله أعلم.

(و) لا حوز (مرتهن) بالكسر، فإذا وهب رب الرهن ما رهنه لغير المرتهن فلا يكون حوز المرتهن حوزاً للموهوب له، فإذا مات الواهب قبل قبض الموهوب له رجع الرهن للوارث إن شاء افتكه وإن شاء تركه للمرتهن في الدين.

(و) لا يصح حوز (مستأجر) بالكسر أي أن من أجر شيئاً لشخص بأجر معلوم، ثم وهبه لغيره لم يكن حوز المستأجر حوز [١] للموهوب له (إلا أن يهب) الواهب (الأجرة) أيضاً للموهوب له (قبل قبضها) من المستأجر، فحينئذ يكون حوز المستأجر حوزاً للموهوب له، لجولان يده في الشيء الموهوب بقبض أجرته بخلاف هبتها بعد قبضها فإنه لا يفيد لأنها صارت مالاً مستقلاً من ماله.

ــ

فسيأتي ويحذف قوله "ولم يحز" إلخ.

قوله: [في الأقسام الثلاثة]: أي وهي ما إذا علم وقبل قبل موته، أو علم قبل موته وقبل بعد أو لم يعلم ولم يقبل إلا بعد موته.

قوله: [فالمراد بالشاهد الجنس]: أي المتحقق في المتعدد.

قوله: [فإن حيازة من ذكر صحيحة]: أي لأن كلاً من المخدم والمستعير حائز لنفسه. وحوزه لنفسه مخرج من حوز الواهب فلذلك صح حوزهما ولو لم يعلما بالهبة اتفاقاً، وألحق بهما المودع على المعتمد، ومحل صحة حوز من ذكر إذا أشهد الواهب على الهبة كما قال ابن شاس وإلا فلا كما يفيده (بن).

قوله: [إذا علموا]: بيان لما قبل المبالغة في المصنف.

قوله: [الأولين]: أي المخدم والمستعير.

قوله: [وقيد الشيخ المودع بالعلم]: إنما قيد بالعلم لأن حوزه لم يكن لنفسه، بل للواهب وهذا هو الفرق بين الأولين، والثالث فالمخدم والمستعير لما كان حوزهما لأنفسهما صح حوزهما مطلقاً ولو لم يرضيا بذلك. والحاصل: أن حوز المخدم والمستعير للموهوب له صحيح مطلقاً علما بالهبة أم لا، تقدم الإخدام والإعارة على الهبة بقليل أو بكثر رضيا بالحوز أم لا بشرط أن يشهد الواهب على الهبة، وألحق بهما المودع على المعتمد.

قوله: [لا يصح حوز غاصب]: أي على المشهور وهو مذهب ابن القاسم في المدونة. قوله: [لم يقبض للموهوب له]: لا شك أن هذا التعليل جار في المخدم والمستعير مع أن حوزهما صحيح فلعل المناسب في التعليل أن يقول لأن هذا قابض لنفسه بغير إذن الواهب فقبضه كـ لا قبض.

قوله: [فقول العلامة الخرشي قوله ولا أمره] إلخ: أي قول مالك في المدونة لأن الخرشي قال نقلاً عن المدونة. قال مالك: لأن الغاصب لم يقبض للموهوب ولا أمره الواهب بذلك ثم قال قوله ولا أمره إلخ.

قوله: [ولا حوز مرتهن] إلخ: إن قلت المرتهن قادر على رد الرهن وإبقاء دينه بلا رهن فكان مقتضاه أن حوزه يكفي. أجيب بأن المرتهن وإن كان قادراً على رد الرهن كما أن المستعير قادر على رد العارية إلا أن المرتهن إنما قبض للتوثق لنفسه. بخلاف المستعير فإنه وإن قبض لنفسه لكن لا لتوثق هكذا أجاب محشي الأصل.

قوله: [ولا يصح حوز مستأجر]: قال في الأصل والفرق بين المستأجر والمستعير أن الإجارة في نظير معاوضة مالية فهي لازمة للمستأجر ليس له الرجوع عنها. بخلاف العارية فليست لازمة للمستعير فله الرجوع عنها فلذا كان حوزه حوزاً للموهوب له وأيضا يد المؤجر جائلة في الشيء المستأجر بقبض أجرته، ولذا لوهب [٢]


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (حوزاً)، ولعلها الصواب.
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (لو وهب).

<<  <  ج: ص:  >  >>