(و) لا يصح حوز الموهوب له السابق (إذا رجعت) الهبة (لواهبها بعده) أي بعد الحوز (قبل سنة) وهو مراد الشيخ بالقرب (بإيجار) متعلق بـ "رجعت" أي: رجعت لواهبها بسبب إيجار لها من الموهوب له (أو إرفاق) كإعارة أو إخدام أو عمرى فمات الواهب وهي تحت يده فيبطل الحوز الأول، بمعنى أنه لم يتم، فإذا لم يحصل مانع فللموهوب له أخذها منه بعد الإرفاق قهراً عنه ليتم الحوز الأول ومفهوم "قبل سنة" أنها لو رجعت له بعد سنة أنه لا يضر في الحوز الأول، وهو كذلك، ومفهوم قوله: بإيجار أو إرفاق أنه لو رجعت له بغصب أو سرقة أو نحو ذلك أنه لا يضر أيضاً، وهو كذلك وهو معنى قول الشيخ: "بخلاف سنة أو رجع مختفياً أو ضيفاً فمات" (و) صح (حوز واهب) شيئاً وهبه (لمحجوره) من صغير أو سفيه أو مجنون كان وليه الواهب أباً أو غيره؛ لأنه هو الذي يحوز له.
وهذا (إن أشهد) الواهب لمحجوره أنه وهبه كذا، فالإشهاد قائم مقام الحوز في غير المحجور فهذا القيد لا بد منه ولا يشترط معاينة المحجور لها ولا صرف الغلة له على أحد القولين، والثاني: أنه لا بد من صرف الغلة في مصالحه كما في الوقف فإن صرفها الولي على نفسه بطلت ورجح، وبعضهم رجح الأول (إلا) إذا وهب لمحجوره (ما لا يعرف بعينه) كالدراهم وسائر المثليات من مكيل أو معدود أو موزون ونحو جواهر، فلا تصح حيازته لمحجوره ولا بد من إخراجه عن حوزه قبل المانع وإلا بطلت ورجعت ميراثاً، ولو ختم عليها مع بقائها عنده ولا يكفي فيه الإشهاد كما في الذي يعرف بعينه، لأن ما يعرف بعينه كأنه مع الإشهاد خرج من يده بخلاف ما لا يعرف.
(أو) إلا إذا وهب لمحجوره (دار سكناه) فلا تصح حيازتها لمحجوره وتبطل إذا استمر ساكناً بها حتى مات الواهب ويكفي إخلاؤها من شواغله ومعاينة البينة لذلك ولو بقيت بعد ذلك تحت يده، كما في النقل بخلاف ما لا يعرف فلا بد من إخراجه عن يده كما تقدم (إلا أن يسكن) الواهب (أقلها ويكري له الأكثر) فتصح الهبة في الجميع، وتكون كلها للمحجور بعد المانع؛ لأن الأقل تابع للأكثر مثل دار السكنى غيرها كالثياب يلبسها، والدواب تركب وكذا ما لا يعرف بعينه إذا أخرج بعضه وأبقى البعض بيده،
ــ
الأجرة للموهوب له قبل قبضها من المستأجر صح حوز المستأجر لعدم جولان يد الواهب اهـ.
قوله: [ولا يصح حوز الموهوب له السابق] إلخ: ظاهره سواء كان للهبة غلة أم لا وهو الصواب، وتقييد المواق له بما إذا كان له غلة رده (ر) كما يفيده (بن).
قوله: [أنه لا يضر في الحوز الأول]: ما ذكره من عدم الضرر في رجوعها بعد سنة مقيد بما إذا كانت الهبة لغير محجوره وأما لمحجوره فتبطل برجوعها للواهب مطلقاً كما قال ابن المواز، واختاره ابن رشد وطريقة غيره أن المحجور وغيره سواء في عدم البطلان في الرجوع بعد عام وعلى هذه الطريقة عول المتيطي وبها أفتى ابن لب وجرى العمل انظر المواق اهـ (بن)، ومثل الهبة الصدقة في التفصيل في رجوعها، وهذا بخلاف الرهن فإنه يبطل برجوعه للراهن ولو بعد سنة من حوزه، وأما الوقف إن كان له غلة فكالهبة في التفصيل، فإن لم يكن له غلة كالكتب فإنه لا يبطل وقف ما عاد له بعد صرفه وقد مر ذلك.
قوله: [ولا يشترط معاينة المحجور لها]: أي للحيازة المفهومة من الحوز ولا يشترط معاينة الشهود لها أيضاً. فمتى قال الولي للشهود اشهدوا أني وهبت الشيء الفلاني لمحجوري كفى سواء أحضره لهم أم لا.
قوله: [ورجح]: المرجح له ابن سلمون.
وقوله: [وبعضهم رجح الأولى]: أي وهو المعتمد الذي جرى به العمل، والفرق بين ما هنا وبين الوقف حيث اشترط في الوقف صرف الغلة قولاً واحداً أن الوقف باق على ملك الواقف، والخارج عن ملكه إنما هو الغلة فلذلك اشترط صرفها قولاً واحداً.
واعلم أن الولي إذا وهب لمحجوره فإنه يحوز له إلى أن يبلغ رشيداً فإذا بلغ رشيداً حاز لنفسه، فإن لم يحز لنفسه بعد الرشد وحصل مانع للواهب بطلت، فإن جهل الحال ولم يدر هل بلغ رشيداً أو سفيهاً والحال أن الواهب حصل له مانع والشيء الموهوب تحت يده فقولان المعتمد منهما حمله على السفه وحينئذ فتصح الهبة لما تقدم أن الرشد لا يثبت إلا ببينة.
قوله: [ولا بد من إخراجه عن حوزه]: أي لا بد في صحة الهبة من إخراجه عند أجنبي قبل المانع، سواء أخرجه غير مختوم عليه أو مختوماً عليه. خلافا ًلظاهر (عب) من أنه يقتضي اشتراط الختم.
وقوله: [ويكفي إخلاؤها من شواغله]: حاصله أن دار السكنى لا بد فيها من إخلاء الولي لها من شواغله ومعاينة البينة لتخليتها، سواء أكراها أو لا، ومثلها لو وهبه شيئاً من ملبوسه. وأما غير دار السكنى والملبوس من كل ما يعرف بعينه فيكفي الإشهاد بالصدقة والهبة وإن لم تعاين البينة الحيازة فالإشهاد يغني عنها.
وظاهر المصنف أن هذا التفصيل خاص بدار السكنى وليس كذلك، بل هو جار في هبة الدار مطلقاً كما في (بن).