للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وواصف العفاص والوكاء يقدم على واصف غيرهما أو أحدهما وذو البينة المؤرخة يقدم على ما لم تؤرخ فإن أرَّخا معاً قدم صاحب الأقدم تأريخاً فإن لم يؤرخا لعدم الأعدل فإن تساويا قسمت بينهما إن حلفا أو نكلا؛ هذا مذهب ابن القاسم. (واستؤني) أي يجب التربص وعدم الدفع باجتهاد الحاكم لمن أتى (بالواحدة) فقط من صفتي العفاص والوكاء لا من غيرهما كما في النقل (إن جهل) الواصف (غيرها) أي غير الواحدة لعل غيره أن يأتي بأثبت مما وصفها فيستحقها.

فإن لم يأت أحد بأثبت من الأول أو لم يأت أحد أصلاً أخذها الأول (لا) إن (غلط) أي ادعى الغلط بأن ذكر الصفة الثانية على خلاف ما هي عليه، فقيل له: كذبت، فادعى الغلط؛ فلا يستأنى ولا تدفع له أصلاً، بخلاف الجاهل فإنه معذور حيث قال لا أدري أو نسيته. قال ابن رشد: وهو أعدل الأقوال الثلاثة، وإليه أشار بقوله: على الأظهر، ثانيها: أنهما سواء في القبول، ثالثها: أنهما سواء في عدمه.

(فإن أثبت غيره) أي غير الجاهل بالأخرى (أكثر) بأن عرف العفاص والوكاء معاً (أخذها) دون الأول الآتي بالواحدة فقط، ويبقى ما إذا ذكر الأول العفاص فقط أو الوكاء، وذكر الثاني الصفة الثانية فقط، هل تكون بعد الاستيناء للأول؟ لأن الثاني لم يأت بأثبت -كما يفيده ما تقدم- أو تقسم بينهما بعد حلفهما؟ واستظهر لتعادلهما في الوصف، والأسبقية لا تقتضي استحقاقاً.

(ووجب) على من وجد لقطة (أخذها لخوف خائن) أي عند خوف خائن لا يعرفها ليحفظها لربها من الخائن (إلا أن يعلم خيانته هو فيحرم) أخذها (وإلا) يخف خائناً (كره) أخذها مع علمه أمانة نفسه، وكذا لو شك في خيانة نفسه بالأولى.

(و) وجب (تعريفها) على من التقطها (سنة) كاملة (إن كان لها بال و) يعرّف (نحو الدلو والدينار) فأقل (الأيام) لأنها لا تلتفت إليها النفوس كل الالتفات. قال في المقدمات: ما قل وله قدر ومنفعة ويشح ربه به ويطلبه يعرف اتفاقاً، وفي تعريفه سنة أو أياماً قولان. وما قل ولا يطلبه عادة فلابن القاسم هو لمن وجده ليس عليه تعريفه فإن شاء تصدق به. انتهى.

قال ابن عبد السلام: وعلى القول الثاني أول بعضهم المدونة وهو الذي عليه الأكثر من أهل المذهب وغيرهم. انتهى، فالشيخ رحمه الله تعالى ترك قول الأكثر ورد عليه بـ "لو" بقوله: "ولو كدلو"، ونحن درجنا على قول الأكثر لأنه المعتمد والتعريف يكون (بمظان طلبها وبباب المسجد) لا داخله (في كل يومين أو ثلاثة) مرة

ــ

يد ذلك الغير.

قوله: [على واصف غيرهما]: أي بأن وصف العدد والوزن.

وقوله: [أو أحدهما]: أي بأن اقتصر على العفاص والوكاء فهو معطوف على غيرهما.

قوله: [على ما لم تؤرخ]: "ما" واقعة على "بينة" فالأولى "من".

قوله: [فإن تساويا]: أي في العدالة والتاريخ وجوداً وعدماً.

قوله: [إن حلفا أو نكلا]: أي فنكولهما كحلفهما على مذهب ابن القاسم خلافاً لمن قال إنهما إذا نكلا تبقى بيد الملتقط ولا تعطى لواحد منهما.

قوله: [إن جهل الواصف غيرها]: أي بأن قال حين السؤال لا أدري ما هو أو كنت أعلمه ونسيته ولا يعارض الاستيناء ما مر من دفعها لواصف العفاص دون من عرف الوزن والعدد؛ لأن دفعها لا ينافي الاستيناء.

قوله: [فإن لم يأت أحد بأثبت من الأول]: أي بأن كان وصف الأول أكثر إثباتاً هذا هو المراد، وأما إذا تساويا في الإثبات فإنها تقسم بينهما كما مر.

قوله: [قال ابن رشد وهو أعدل الأقوال]: أي قال وهو أعدل الأقوال عندي. بخلاف ما إذا عرف العفاص والوكاء أو أحدهما وغلط في الصفة فقط كأن قال بنادقة فإذا هي محابيب أو بالعكس، أو قال هي يزيدية فإذا هي محمدية أو العكس، فإنها لا تدفع له اتفاقاً.

قوله: [ووجب على من وجد لقطة]: حاصل هذا المبحث أن مريد الالتقاط إما أن يعلم أمانة نفسه أو خيانتها أو يشك فيها، وفي كل إما أن يخاف الخائن لو ترك الأخذ أو لا فيجب الأخذ بشرطين إن خاف الخائن ولم يعلم خيانة نفسه بأن علم أمانتها أو شك فيها، فإن علم خيانة نفسه حرم الأخذ خاف الخائن أم لا، وإن لم يخف الخائن كره علم أمانة نفسه أو شك فيها فالوجوب في صورتين وكذا الحرمة وكذا الكراهة. هذا حاصل ما يؤخذ من الشارح وهو التحرير.

قوله: [لا يعرفها]: صفة لخائن.

وقوله: [ليحفظها]: علة لقوله " أخذها ".

قوله: [وإلا يخف خائناً كره]: اعلم أنه إذا لم يخف خائناً وعلم أمانة نفسه فثلاثة أقوال: الاستحباب والكراهة والتفصيل، يستحب فيما له بال ويكره في غيره واختار التونسي من هذه الأقوال الكراهة مطلقاً، وأما إذا لم يخف خائناً وشك في أمانة نفسه فالكراهة اتفاقاً.

قوله: [إن كان لها بال]: أي بأن كانت فوق الدلو والدينار.

وقوله: [فأقل]: أي أقلية لا تصل للتافه. قوله: [قال في المقدمات]: أي ابن رشد.

قوله: [وعلى القول الثاني]: أي في تعريف الشيء القليل الذي له قدر ومنفعة أياماً.

قوله: [بقوله ولو كدلو]: أي حيث قال "وتعريفه سنة ولو كدلو".

قوله: [وبباب المسجد]: أي ومثله السوق.

قوله: [لا داخله]: أي فهو مكروه لاحترام المسجد.

قوله: [في كل يومين]: هذا في غير أول زمان التعريف إذ في أوله ينبغي أن يكون أكثر من ذلك. ففي كل يوم مرتين، ثم في كل يوم مرة، ثم في كل يومين مرة، ثم في كل ثلاثة أيام مرة، ثم في كل أسبوع مرة، كما ذكره شارح الموطإ كذا في حاشية الأصل [١].


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (كذا في حاشية الأصل) تكرر في المطبوع أول الصفحة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>