للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن خاف عليها أم لا، وقيل: إن خيف عليها من خائن أخذت وعرفت أو بيعت ووقف ثمنها لصاحبها، وقيل: إن خيف عليها من السباع كأنت في حكم الغنم لواجدها أكلها وقيل: بل تؤخذ لتعرّف إذ لا مشقة في حملها.

(فإن أخذت) الإبل للعمران تعدياً (عرفت) سنة (ثم) بعد تعريفها سنة (تركت) بمحلها الذي أخذت منه.

(وله) أي لمن التقط دابة من حمار وبقر وفرس (كراء دابة) التقطها (لعلفها) أي لأجل علفها (منه كراء مأموناً) أي لا يخشى عليها منه وجيبة أو مشاهرة (و) له (ركوبها) من موضع التقاطها (لموضعه) وإن لم يتعسر [١] قودها (وإلا) بأن أكراها لغير علفها أو أزيد منه أو كراء غير مأمون فعطبت أو هلكت أو ركبها لغير موضعه أو في حوائجه (ضمن) قيمتها إن هلكت أو أرش العيب إن تعيبت وما زاد على علفها إن لم تهلك (و) له (غلتها) من لبن وسمن وإن زاد على علفها (لا) أي ليس له (نسلها) وصوفها وشعرها.

(ووجب لقط طفل) أي صغير لا قدرة له على القيام بمصالح نفسه من نفقة وغيرها. والمراد بلقطه: أخذ [٢] للحفظ (كفاية) أي وجوب كفاية إذا وجده جماعة بمضيعة، أو كان المكان مطروقاً للناس وإلا تعين على من وجده لقطه ويسمى الطفل الملقوط لقيطاً، وعرّف ابن عرفة اللقيط بقوله: صغير آدمي لم يعلم أبوه ولا رقه، فخرج ولد الزانية المعلومة ومن علم رقه لقطة لا لقيط. انتهى. (ونفقته) وحضانته واجبة (على ملتقطه)

ــ

الحالة هل يلزم ربها أجرة حملها أو لا لتعديه بالحمل؟

قوله: [خاف عليهما أم لا]: أي ففي (بن) المعتمد من مذهب مالك تركها مطلقاً. قال في المقدمات - بعد أن ذكر عدم التقاط الإبل - قيل إن ذلك في جميع الزمان وهو ظاهر قول مالك في المدونة والعتبية، وقيل هو خاص بزمن العدل وصلاح الناس، وأما في الزمان الذي فسد فالحكم فيه أنها تؤخذ وتعرف، فإن لم يعرف ربها بيعت ووقف ثمنها فإن أيس منه تصدق به كما فعل عثمان - رضي الله عنه - لما دخل الناس في زمنه الفساد وقد روي عن مالك أيضا اهـ.

قوله: [ثم بعد تعريفها سنة تركت]: قد علمت أن هذا في زمن العدل والصلاح لا في مثل زماننا.

قوله: [كراء دابة] إلخ: إنما جاز له ذلك مع أن ربها لم يوكله فيه لأنها لا بد لها من نفقة عليه فكان ذلك أصلح لربها، والظاهر أنه إذا أكراها وجيبة كراء مأموناً ثم جاء ربها قبل تمامه فليس له فسخه لوقوع ذلك العقد بوجه جائز كذا في حاشية الأصل.

قوله: [ضمن قيمتها إن هلكت]: أي ويقدم في الضمان المستأجر في الكراء لغير المأمون لأنه مباشره والملتقط متسبب. قوله: [وما زاد على علفها]: أي فإذا أكريت لأجل العلف وزاد من كرائها شيء على العلف لم يكن للملتقط أخذه لنفسه، بل يبقيه لربها إذا جاء عند سلامتها.

قوله: [وله غلتها]: أي في مقابلة نفقتها إذا أنفق عليها من عنده ولم يكرها في علفها ولم يستعملها في مصالحه.

قوله: [من لبن وسمن]: بيان للغلة المرادة هنا.

قوله: [وإن زاد على علفها]: أي وهو الموافق لرواية ابن نافع خلافاً لظاهر نقل ابن رشد وسماع القرينين من أن له من الغلة بقدر علفه والزائد عليه لقطة معها. قال في الحاشية وفي كلام الأجهوري ميل لترجيح ما نقله ابن رشد.

قوله: [وصوفها]: أي سواء كان تاماً أو غير تام فهو لربها مثل النسل يكون لقطة معها.

تنبيه: لو أنفق الملتقط على اللقطة من عنده كل النفقة أو بعضها كما لو أكراها فنقص الكراء عن نفقتها وكمل الملتقط نفقتها من عنده فربها مخير بين أن يسلم له اللقطة في نفقته أو يفتديها من الملتقط بدفع النفقة، وذلك لأن النفقة في ذات اللقطة كالجناية في رقبة العبد إن أسلمه المالك لا شيء عليه، وإن أراد أخذه غرم أرش الجناية وحيث قلنا بخيار ربها ورضي بتركها في النفقة، ثم أراد أخذها ثانية ودفع النفقة لم يكن له ذلك، لأنه ملكها للمتلقط بمجرد رضاه، والظاهر - كما قال شيخ مشايخنا العدوي - أن عكسه كذلك أي إذا دفع له النفقة ثم أراد أن يسلمه الشيء الملتقط ويأخذ منه النفقة فليس له ذلك.

قوله: [ووجب لقط طفل]: ظاهره ولو على امرأة وينبغي أن يقيد بما إذا لم يكن لها زوج وقت إرادتها الأخذ أو لها وأذن لها فيه وإلا فلا يجب عليها لأن له منعها، فإن أخذته بغير إذنه كان له رده لمحل مأمون يمكن أخذه منه، فإن لم يرده وكان لها مال أنفقت عليه منه، وإن أذن لها في أخذه فالنفقة عليه ولو كان لها مال لأنه بالإذن صار كأنه الملتقط كذا في حاشية الأصل.

قوله: [بمضيعة]: إنما قال "بمضيعة" لأجل أن يشمل من نبذ قصداً ومن ضل عنه أهله، ويشير إلى أنه لا بد أن يوجد في غير حرز إذ أخذ من في الحرز سرقة.

قوله: [وإلا تعين]: أي وجب عيناً كما في الإشهاد، ولو علم خيانة نفسه في دعوى رقيته مثلاً فيلزم الالتقاط، وترك الخيانة، ولا يكون علمه بالخيانة عذراً يسقط عنه الوجوب لعظم حرمة الآدمي.

قوله: [فخرج ولد الزانية]: أي بقوله "لم يعلم أبواه" وأما هذا فقد علم أحدهما.

قوله: [ومن علم رقه لقطة]: معطوف على "ولد الزانية" وقوله: [لقطة]: خبر مبتدأ


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يعسر).
[٢] في ط المعارف: (أخذه)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>