للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غير خصم) أي غير أحد الخصمين المتداعيين بحيث يحكم لنفسه أو عليها ولا يجوز تحكيم الخصم، فإن وقع مضى إن حكم صواباً، وقيل: يجوز ابتداء. ابن عرفة: والقول بعد مضيه مطلقاً لا أعرفه. انتهى. (و) غير (جاهل) بأن يكون [١] عالماً بما حكم به إذ شرط الحاكم أو المحكم العلم بما يحكم به وإلا لم يصح ولم ينفذ حكمه (في مال) من دين وبيع وشراء فله الحكم بثبوت ما ذكر أو عدم ثبوته ولزومه وعدم لزومه وجوازه وعدمه (وجرح) ولو عظم، كجائفة وآمة ومنقلة وموضحة أو قطع لنحو يد.

(لا [٢]) في (حد) من الحدود كقصاص أو جلد أو رجم (و) لا في (قتل) في ردة أو حرابة أو قصاص (و) لا في (لعان و) لا في (ولاء) لشخص على آخر (و) لا في (نسب) كذلك (و) لا في (طلاق و) لا في (فسخ) لنكاح ونحوه (و) لا في (عتق و) لا في (رشد وسفه و) لا في (أمر غائب) مما يتعلق بماله وزوجته وحياته وموته.

(و) لا في (حبس و) لا في (عقد) مما يتعلق بصحته وفساده؛ لأن هذه الأمور إنما يحكم فيها القضاة، فلا يجوز التحكيم فيها لتعلق الحق فيها بغير الخصمين إما لله تعالى كالحدود والقتل والعتق والطلاق، وإما لآدمي كاللعان والولاء والنسب. ففي اللعان حق الولد بقطع نسبه وفي الولاء والنسب ترتيب أحكامها من نكاح وعدمه وإرث وعدمه وغير ذلك على الذرية التي ستوجد (فإن حكم) المحكم في هذه الأمور التي لا يجوز له الحكم فيها بأن جعل فيها حكماً فحكم (صواباً مضى) حكمه ولا ينقض لأن حكم المحكم يرفع الخلاف.

(وأدب) لافتياته على الحاكم ومحل تأديبه إن نفذ حكمه بأن اقتص أو حد أو طلق، لا بمجرد قوله: حكمت، ونحوه. مفهوم [٣] قولنا: "عدل" أنه لا يجوز تحكيم غيره. لكن إن كان كافراً فلا يمضي قطعاً، وكذا إن كان صبياً لا تمييز له أو كان مجنوناً فإن كان مميزاً أو كان امرأة أو فاسقاً أو عبداً فهل يمضي أو لا؟ أو يمضي في غير الصبي والفاسق، وأما هما فلا يمضي؟ أقوال: الأول: لأصبغ، والثاني: لمطرف، والثالث: لأشهب، والرابع: لابن الماجشون. وهذا معنى قوله: وفي صبي وعبد وامرأة وفاسق: ثالثها: إلا الصبي، ورابعها: وفاسق ومفهوم "غير خصم" أن الخصم لا يجوز، لكنه إن وقع مضى إن كان صواباً وقيل: بل يجوز ابتداء وقال ابن عرفة: والقول بعدم مضيه مطلقاً لا أعرفه، وقد تقدم ومفهوم غير جاهل: أن الجاهل لا يجوز تحكيمه، فإن حكم لا يمضي حكمه وقد تقدم أيضاً، وأعدناه لمعرفة حاصل المسألة وسهولة ضبطها.

ــ

الباب شاملاً لحكم المحكم حيث قال فيه: "حكم حاكم أو محكم" إلخ، تعرض المصنف له هنا. قال بعضهم: ولا يحتاج التحكيم لإشهاد على كونه حكماً.

قوله: [غير خصم] إلخ: هذا الوصف وما بعده زيادة على وصف عدل الشهادة.

قوله: [فإن وقع مضى] إلخ: سيأتي إعادة تلك الأقوال في آخر العبارة وإيضاحها.

قوله: [وإلا لم يصح ولم ينفذ]: أي إن حكم بالجهل، وأما لو شاور العلماء وحكم فيصح وينفذ ولا يقال له حينئذ حكم جاهل.

قوله: [في مال]: أي غير متعلق بغائب بدليل ما يأتي.

قوله: [بثبوت ما ذكر]: إلخ: الثبوت وعدمه واللزوم وعدمه والجواز وعدمه يصلح كل لكل من الدين والبيع والشراء فتأمل.

قوله: [وجرح]: أي عمداً أو خطأ.

قوله: [أو قطع]: انظر ما حكمة العطف بأو مع أنها من جملة الجراحات العظيمة.

قوله: [كقصاص]: أي في النفس لا في الأطراف لأنه تقدم أنه يحكم فيها، وقوله بعد ذلك "أو قصاص" مكرر فالأولى حذف إحداهما، ودخل في الحدود قطع السرقة فلا يحكم فيه. والحاصل أنه يحكم في الأموال والجراحات عمدها وخطئها لا في الحدود، ومنها قطع اليد في السرقة ولا في النفوس.

قوله: [كالحدود]: أي لأن المقصود من الحدود الزجر وهو حق الله.

قوله: [والقتل]: أي لأنه إما لردة أو حرابة وكله حق لله لتعدي حرماته.

قوله: [والعتق]: أي لأنه لا يجوز رد العبد إلى الرق ولو رضي بذلك، وكذا الطلاق البائن لا يجوز رد المرأة إلى العصمة ولو رضيت بذلك.

قوله: [فحكم صواباً]: أي وأما إن لم يصب فعليه الضمان، فإن ترتب على حكمه إتلاف عضو فالدية على عاقلته وإن ترتب عليها إتلاف ما كان الضمان في ماله كذا في حاشية الأصل.

قوله: [وأدب لافتياته على الحاكم]: أي إن كان هناك حاكم شرعي وأما في زماننا هذا فوجوده كالكبريت الأحمر.

قوله: [فهل يمضي]: هذا هو القول الأول.

وقوله: [أو لا]: هذا هو القول الثاني. فالمعنى فهل يمضي مطلقاً في الأربعة أو لا يمضي في واحد منها.

وقوله: [أو يمضي في غير الصبي]: هذا هو الثالث ووجه هذا القول أن البالغ عنده كمال العقل والصبي بخلاف ذلك.

وقوله: [أو يمضي في غير الصبي والفاسق]: هذا هو القول الرابع ووجه عدم مضيه في الفاسق عدم ديانته فألحق بالصبي.

قوله: [وقد تقدم]: أي هذا المفهوم.

قوله: [وقد تقدم أيضاً]: أي وتقدم أننا قيدنا عدم حكمه بما إذا لم يشاور العلماء ويحكم وإلا كان حكم عالم.

قوله: [وأعدناه]: أي ما ذكر من مفهوم غير الخصم وغير الجاهل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (غالباً).
[٢] في ط المعارف: (إلا).
[٣] في ط المعارف: (ومفهوم).

<<  <  ج: ص:  >  >>