للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأميال كثيرة يشق حضور الخصمين والشهود منه إلى محل القضاء، لا إن قربت فلا يجوز. (من) مفعول يستخلف أي يستخلف رجلاً عدلاً (علم ما استخلف فيه)، وإن لم يعلم جميع أبواب الفقه فإذا ولاه على الأنكحة فقط اشترط أن يكون عالماً بمسائل النكاح وما يتعلق بها. وإن استخلفه في القسمة والمواريث وجب علمه بذلك، وهكذا ولا يصح أن يستخلف جاهلاً بما ولي فيه (أو أذن له) في الاستخلاف، بأن أذن له السلطان فيه فله الاستخلاف ولو لم يتسع عمله أو في جهة قربت.

(و) إذا أذن له في الاستخلاف واستخلف (لا ينعزل) الخليفة (بموته) أي بموت من استخلفه، وكذا إن جرى العرف بالاستخلاف؛ لأن الإذن له في ذلك أو جريان العرف به كأنه تولية من السلطان فلا ينعزل بموت القاضي المستخلف له وأما إن استخلف لاتساع عمله بجهة بعدت فينعزل بموت من ولاه وهو معنى قول الشيخ: "وانعزل بموته"؛ لأن كلامه رحمه الله في ذلك فلا اعتراض عليه، فتأمل. (ولا) ينعزل (غيره) أي غير خليفة القاضي المأذون له في الاستخلاف من قاض ووال وعامل (بموت من ولاه) من الأمراء، ولو كان الذي ولاه هو الخليفة كما قال الشيخ، والحاصل: أن الخليفة أو غيره إذا استخلف قاضياً أو غيره لم ينعزل المولى بموت من ولاه، إلا خليفة القاضي إذا ولاه القاضي بجهة بعدت لاتساع عمله فإنه ينعزل بموت القاضي الذي ولاه، هذا حاصل كلامهم فتأمله. وأما إذا عزله من ولاه فإنه ينعزل قطعاً، إلا الخليفة؛ فلا يعزل إن أزيل وصفه إذا ولي مستجمعاً لشروطها. .

(ولا تقبل شهادته) أي القاضي إذا شهد عند قاض آخر (أنه قضى بكذا) وسواء شهد بذلك قبل عزله أو بعده، لأنها شهادة على فعل نفسه وهي باطلة وأما الإخبار فيقبل منه قبل العزل لا بعد، والحاصل أن إخباره بذلك إن كان على وجه الشهادة لم تقبل مطلقاً وإن كان على وجه الإعلام فيقبل قبل العزل لا بعده.

(وجاز) للخصمين (تحكيم) رجل (عدل) عدل شهادة بأن يكون مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً، غير فاسق.

ــ

اجتهاده كما كان يقع لكبار الصحابة.

قوله: [بأميال كثيرة]: أي زائدة على مسافة القصر.

قوله: [أو أذن له في الاستخلاف]: معطوف على قوله "اتسع". وحاصل المسألة أن الصور اثنتا عشرة صورة لأن السلطان إما أن ينص للقاضي على الاستخلاف أو على عدمه أو يسكت، وفي كل إما أن يستخلف لعذر أو لراحة نفسه، وفي كل إما أن يستخلف في جهة قريبة أو بعيدة، فإن نص على استخلاف جاز مطلقاً لعذر أو لغيره في القريبة والبعيدة، وإن نص على عدمه منع مطلقاً، وإن سكت فإن كان العرف الاستخلاف فكالنص عليه، وإن لم يكن عرف أو كان العرف عدمه فإن كانت الجهة قريبة فالمنع إن كان الاستخلاف لغير عذر، وإن كان لعذر فقولان، وإن كانت الجهة بعيدة فالجواز كان لعذر أو لغيره، ولا يشترط في استخلاف كون المستخلف بالكسر وقت الاستخلاف في محل ولايته، ومثل الاستخلاف العزل فيجوز أن يعزل واحداً من أهل ولايته وهو في غير محل ولايته. بخلاف حكمه فإنه لا يصح في غير محل ولايته.

قوله: [لا ينعزل الخليفة بموته]: مثله من قدمه القاضي للنظر في أيتام فإنه لا ينعزل بموت القاضي الذي قدمه ولا يعزله.

قوله: [فينعزل بموت من ولاه]: أي والموضوع أن استخلافه بسبب اتساع العمل بغير إذن ولا عرف جار بالإذن وإلا فيكون داخلاً فيما قبله.

قوله: [إلا خليفة القاضي]: أي والموضوع أنه ولاه بغير إذن من الإمام، والفرق كما في الأصل أن القاضي ليس نائباً عن نفس الخليفة. بخلاف نائب القاضي فإنه نائب عن نفس القاضي، فلذا انعزل بموته وبحث (بن) في هذا الفرق بقوله: إذ لو لم يكن القاضي نائباً عن الخليفة لم يكن للخليفة عزله، كيف. وأصل القضاء للخلفاء، ولو سلم أن القاضي ليس نائباً عن الخليفة، فلم لا يقال مثله في نائب القاضي. فإن قلت: إن ذلك للتخفيف عن القاضي. قلت: السلطان أيضاً إنما جاز له أن يستقضي لأجل التخفيف عن نفسه اهـ.

قوله: [فتأمله]: أمر بالتأمل لما فيه من البحث المتقدم.

قوله: [إلا الخليفة]: أي السلطان.

وقوله: [فلا يعزل إن أزيل وصفه]: أي ارتكاباً لأخف الضررين، ومحله ما لم يكفر وإلا وجب عزله كما تقدم.

قوله: [ولا تقبل شهادته]: إلخ: صورتها أن القاضي حكم في قضية ومضى زمنها ثم تنازع الخصمان وأنكر أحدهما الحكم، فإن القاضي لا تقبل شهادته على حكمه ولا بد من شهادة عدلين لمن ادعى الحكم، ويقوم مقام شهادة العدلين وجود القضية في السجل الكائن بيد العدول، ولذلك جعلت سجلات القضاء لرفع النزاع في المستقبل.

قوله: [أنه قضى بكذا]: أي وأولى في عدم القبول ما إذا قال بعد عزله: شهد عندي شاهدان بكذا. وقد كنت قبلت شهادتهما غير أني لم يصدر مني حكم.

قوله: [إن كان على وجه الشهادة]: أي بأن تقدم الإخبار دعوى من الأخصام.

وقوله: [وإن كان على وجه الإعلام]: أي بأن لم يتقدم إخباره دعوى، بل إنما قصد مجرد الإعلام. .

قوله: [تحكيم رجل عدل]: لما كان التعريف المتقدم أول

<<  <  ج: ص:  >  >>