للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حبس وضرب) ليجيب (ثم) إن استمر على عدم الجواب (حكم) عليه بالحق (بلا يمين) من المدعي؛ لأن اليمين فرع الجواب وهو لم يجب (وإن أنكر) المدعى عليه (المعاملة) من أصلها فقال: لا معاملة بيني وبينه (فأقيمت عليه البينة) بالحق المطلوب فأقام بينة تشهد له بالقضاء (لم تقبل بينته بالقضاء) لذلك الحق؛ لأن إنكاره المعاملة تكذيب لبينته بالقضاء (بخلاف) قوله: (لا حق لك علي) فأقام عليه بينة به فأقام هو بينة بالقضاء، فتقبل لأنه لم ينكر أصل المعاملة، وإنما أنكر الحق المطلوب منه فقط وليس فيه تكذيب لبينته بالقضاء.

(وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين، فلا يمين) على المدعى عليه (بمجردها) وذلك (كنكاح) وطلاق وعتق وقذف وقتل، بل حتى يقيم المدعي شاهداً واحداً ويعجز عن الثاني فتتوجه اليمين على المدعى عليه لرد شهادة الشاهد عليه وهذا معنى قوله: (وإلا) تتجرد بل أقام المدعي شاهداً فقط (توجهت) اليمين على المدعى عليه لرد شهادة الشاهد فإن حلف ترك وإن نكل حبس فإن طال حبسه دين ومحل توجهها على المدعى عليه (في غير نكاح) كعتق وطلاق وأما في النكاح فلا تتوجه، كما لو ادعى أن فلاناً زوجه بنته فأنكر أبوها، فأقام الزوج شاهداً، فلا يمين على أبيها لربه ولا يثبت النكاح.

(ولا يحكم) الحاكم (لمن لا يشهد له) أبيه [١] وابنه، كأخيه [٢] وزوجته وجاز أن يحكم عليه وكذا لا يحكم على من لا يشهد عليه كعدوه وجاز أن يحكم له (إلا بإقرار) من المدعى عليه له في مجلسه (اختياراً) بلا إكراه، فيجوز أن يحكم له حينئذ؛ إذ لا يتهم القاضي إذا أقر الخصم اختياراً، فعلم أن قوله: "ولا يحكم" إلخ فيما إذا كان الحكم يحتاج لبينة؛ لأنه الذي يتهم فيه بالتساهل في الحكم لمن ذكر.

ــ

أو المنكر للنسب فقال: إن لي فيها مطعناً ثم عجز عن الإتيان به فللقاضي تعجيزه.

قوله: [حبس وضرب]: أي باجتهاد القاضي في قدر الحبس والضرب.

قوله: [ثم إن استمر]: مثل استمراره على عدم الجواب في الحكم عليه بلا يمين شكه في أنه له عنده ما يدعيه، فإذا أمر القاضي المدعى عليه بالجواب فقال: عندي شك فيما يدعيه فإنه يحكم عليه به بلا يمين من المدعي كما في التوضيح، وظاهره ولو طلب المدعى عليه يمين المدعي وكذا في مسألة المصنف، وأما لو أنكر المدعى عليه ما ادعى عليه به وقال يحلف المدعي ويأخذ ما ادعى به فإنه يجاب لذلك.

قوله: [فأقيمت عليه البينة]: إلخ: مثل قيامها إقراره بعد ذلك بأنه كان عليه كذا وقضاه إياه ثم أقام على القضاء بينة فلا تقبل بينة القضاء كما في النوادر؛ لأن إنكاره أولاً تكذيب لها كذا في حاشية الأصل.

قوله: [بخلاف قوله لا حق لك علي]: ظاهره لا فرق بين العامي وغيره، ولكن في (ح) أن هذا ظاهر في غير العامي، وأما هو فيعذر وتقبل بينته في الصيغتين انظر (بن).

قوله: [بل حتى يقيم المدعي شاهداً]: أي في دعوى الطلاق وما بعده. ويستثنى من قوله: "فلا يمين بمجردها" مسائل: منها لو اعترف المدعى عليه بالحق وادعي الإعسار وأن الطالب يعلم عسره، وأنكر الطالب العلم بعسره ولا بينة للمطلوب، فإن الطالب يحلف أنه لا يعلم بعسره ويؤمر المطلوب، بإثبات عسره. ومنها لو قال المطلوب للطالب: إنك عالم بفسق شهودك. ومنها أن الطالب لو أراد تحليف المطلوب فقال له: حلفتني فأنكر ذلك الطالب. ومنها لو ادعى القاتل أن الولي عفا عنه وأنكر الولي ذلك. ومنها المتهم يدعى عليه الغصب أو السرقة لأجل ثبوت موجبهما من أدب أو قطع فينكر، مع أن أدب الغاصب وقطع السارق لا يكون إلا بعدلين، وإن كان المال يثبت بالشاهد واليمين. ومنها من ادعى على آخر أنه قذفه وأنكر فتوجه اليمين على المدعى عليه أنه لم يقذفه إن شهدت بينة بمنازعة بينهما وإلا لم تتوجه، ومفهوم قوله "لم تثبت إلا بعدلين" أن الدعوى التي تثبت بشاهد وامرأتين أو أحدهما ويمين تتوجه عليه اليمين بمجردها وترد على المدعي، إن أراد المدعى عليه ردها عليه وكذا اليمين التي يحلفها المدعي مع الشاهد أو المرأتين إذا نكل عنها ترد على المدعى عليه. فإن نكل غرم بنكوله وشهادة الشاهد وليس للمدعى عليه ردها على المدعي لأن اليمين المردودة لا ترد، ويستثني من ذلك المفهوم من ادعى على شخص أنه عبده فأنكر فلا يمين على ذلك المدعى عليه. مع أن الرق مما يثبت بشاهد ويمين، وذلك لأن الأصل في الناس الحرية فدعوى ذلك المدعي رقية المدعى عليه خلاف الأصل مع تشوف الشارع للحرية، فمن أجل ذلك ضعفت دعواه جداً فلم تتوجه عليه اليمين لإبطالها اهـ ملخصا من حاشية الأصل.

قوله: [في غير نكاح]: الفرق بين النكاح وغيره أن الغالب في النكاح الشهرة فشهادة الواحد فيه ريبة ولذا لم يطلب الولي باليمين لرد شهادة الشاهد. بخلاف غيره من عتق وطلاق فإنه ليس الغالب فيه الشهر فلا ريبة في شهادة الواحد فيه فلذا أمر المدعى عليه باليمين لرد شهادته كذا في الحاشية.

قوله: [ولا يحكم الحاكم لمن لا يشهد له]: أي على مختار اللخمي ومقابله يجوز إن لم يكن من أهل التهمة وهو لأصبغ.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كأبيه).
[٢] في ط المعارف: (وأخيه).

<<  <  ج: ص:  >  >>