للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المطلوب الكائن (بالمجلس) أي مجلس القاضي، فلا إعذار فيه لمشاركة القاضي له في سماع الإقرار. (و) إلا (من): أي مطلوباً (يخشى منه) الضرر على من شهد عليه أو طالباً يخشى منه الضرر على من يجرح بينته، فلا إعذار له، بل لا تسمى البينة للأول ولا من جرح بينة الثاني (و) إلا (مزكي السر) وهو من يخبر القاضي سراً بعدالة الشهود أو تجريحهم فلا إعذار فيه، وليس على الحاكم تسميته بل لو سئل عنه لم يلتفت للسائل (و) إلا (المبرز) في العدالة: أي الفائق فيها لا إعذار فيه (بغير عداوة) للمشهود عليه (أو قرابة) للمشهود له، وأما بهما، فيعذر (فإن قال) المدعى عليه (نعم) لي حجة ومطعن في هذه البينة (أنظره) القاضي (لها) أي للحجة أي لبيانها بإقامة البينة بها (بالاجتهاد) منه فليس للإنظار حد معين، وإنما هو موكول لاجتهاد الحاكم.

(ثم) إذا لم يأت بحجة معتبرة شرعاً (حكم) عليه بمقتضى الدعوى من مال أو غيره (كنفيها) أي كما يحكم إذا نفى حجته وقال: لا حجة عندي.

(وعجزه): أي حكم بعجزه بعد إنظاره (وسجله) أي التعجيز أي كتبه في سجله بأن يكتب فيه: إنا طلبنا منه حجة في البينة وأنظرناه فلم يأت بها فحكمنا عليه، فلا تقبل له حجة بعد ذلك. وفائدة التسجيل مخافة أن يدعي أنه باق على حجته وأن القاضي لم ينظره. واستثنى من التعجيز خمس مسائل ليس للقاضي فيها تعجيز فقال: (إلا في) دعوى (دم) كأن يدعي عليه بأنه قتل وليه عمداً وله بينة بذلك، فأنظر القاضي ليأتي بها، فلم يأت بها فلا يعجزه فمتى أتى بها حكم بقتل المدعى عليه (وعتق) ادعاه الرقيق على سيده المنكر، وقال: عندي بينة، فأنظره لها فلم يأت بها، فلا يعجزه بل متى أقامها حكم بعتقه (وطلاق) ادعته المرأة على زوجها وأن لها بينة بذلك ولم تأت بها فلا يعجزها، فمتى أقامتها حكم بطلاقها (وحبس) ادعاه إنسان على الواقف أو واضع اليد المنكر، وقال: لي بينة على وقفه، فأنظره الحاكم فلم يأت بها، فلا يعجزه، فمتى أتى بها حكم بالوقف (ونسب) ادعاه إنسان، وأنه من ذرية فلان وله بذلك بينة، فإن لم يأت بها بعد الإنظار لم يحكم بتعجيزه، وهو باق على حجته، متى أقامها حكم بنسبه. فهذه المستثنيات إنما هي مفروضة في كلام الأئمة في الطالب وأما المطلوب فيعجزه فيها وفي غيرها كما ذكره بعضهم.

(وإن لم يجب) عطف على "إن أقر" أي وإن لم يجب المدعى عليه بإقرار ولا إنكار، بل سكت

ــ

قوله: [من المطلوب]: متعلق بمحذوف حال من الإقرار.

وقوله: [بالمجلس]: متعلق بمحذوف صفة للإقرار قدره بقوله الكائن، وإنما قدره صفة لأن الظرف والمجرور الواقع بعد المقرون بأل الجنسية يجوز جعله صفة أو حالاً.

قوله: [فلا إعذار فيه]: أي فلا يبقي القاضي للمطلوب حجة فيه لأنه علم ما علمه الشاهد فلو أعذر فيه لكان إعذاراً في نفسه.

تنبيه: قال (شب) مما لا إعذار فيه شهود الإعذار لما في ذلك من التسلسل كما ذكره في العاصمية، ومثل ذلك من شهد بوكالة في شيء كما ذكره (ح) أول باب الوكالة، وكذا من شهد بجرحة القاضي كما في مختصر البرزلي نقلاً عن ابن الحاج، وعلله بقوله لأن طلب الإعذار طلب لخطة القضاء وإرادة لها وحرص عليها وذلك جرحة، وكذا الشهود الذين يحضرون تطليق المرأة وأخذها بشرطها في مسائل الشروط في النكاح ومن يوجهه القاضي لسماع دعوى أو لتحليف أو حيازة؛ لأنه أقامهم مقام نفسه.

قوله: [أي الفائق فيها]: أي على أقرانه.

قوله: [وأما بهما فيعذر]: الحاصل أن المبرز لا يسمع القدح فيه إلا بالعداوة أو القرابة وأما بغيرهما فلا يسمع القدح فيه، وأما ما قبل المبرز فيقبل القدح فيه بأي قادح ولو بغير العداوة أو القرابة.

قوله: [بالاجتهاد]: أي ما لم يتبين لدده وإلا حكم عليه من حين تبين اللدد، ومثل ذلك لو قال: لي بينة بعيدة الغيبة هي التي تجرح بينة المدعي فإنه يحكم عليه من الآن إلا أنه في هذه يكون باقياً على حجته، إذا قدمت بينته ويقيمها عند القاضي أو عند غيره كما في الخرشي.

قوله: [فلا تقبل له حجة بعد ذلك]: اعلم أنه اختلف في الذي كتب عجزه إذا أتى ببينة بعد ذلك على ثلاثة أقوال: قيل لا تسمع منه سواء كان طالباً أو مطلوباً وهو قول ابن القاسم في العتبية، وقيل: تقبل مطلقاً إذا كان له وجه كنسيانها أو عدم علمه بها أو غيبتها وهو قول ابن القاسم في المدونة. ثالثها صرح في البيان بأن المشهور أنه إذا عجز المطلوب وقضي عليه أن الحكم يمضي ولا يسمع منه ما أتى به بعد ذلك، وأما إذا عجز الطالب فإن تعجيزه لا يمنع من سماع ما أتى به بعد ذلك.

قال ابن رشد وهذا الخلاف إنما هو إذا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز، وأما إذا عجزه بعد التلوم والإعذار وهو يدعي أن له حجة فلا تقبل له حجة بعد ذلك اتفاقاً، ولو ادعى نسيانها وحلف اهـ (بن). قوله: [وليس للقاضي فيها تعجيز]: أي اتفاقاً ولو حكم بالتعجيز بطل حكمه وضابط ذلك في غير مسألة الدم أن كل حق ليس لمدعيه إسقاطه بعد ثبوته، فإن الحكم بالتعجيز لا يقطع الحجة فيه، وقولنا في غير الدم، وأما هو فلولي الدم إسقاطه إن لم يكن القتل غيلة وإلا فليس للولي إسقاطه لأنه حق الله، فالضابط يشمله.

قوله: [وأما المطلوب]: أي المدعى عليه كما إذا أقيمت بينة على القاتل أو على المعتق أو المطلق أو المحبس

<<  <  ج: ص:  >  >>