للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلق بأمر المقدر إما بإقرار أو إنكار. (فإن أقر فله): أي المدعي (الإشهاد عليه) وللحاكم إن غفل المدعي تنبيهه عليه بأن يقول للعدول: اشهدوا بأنه أقر. (وإن أنكر قال) القاضي للمدعي: (ألك بينة) تشهد لك عليه؟ (فإن نفاها) بأن قال: ليس عندي بينة (فله): أي للمدعي (استحلافه): أي طلب حلف المدعى عليه المنكر. هذا إذا ثبتت بينهما خلطة من معاملة أو غيرها بل (وإن لم تثبت) بينهما (خلطة) بدين أو تكرر بيع، وقيل: ليس له استحلافه إلا إذا ثبتت بينهما خلطة بذلك ولو بامرأة، وهو الذي مشى عليه الشيخ، وهو ضعيف.

(فإن حلف) المدعى عليه بعد أن طلب المدعي منه اليمين برئ، وليس للمدعي بعد ذلك مطالبة عليه. وإذا برئ (فلا بينة) تقبل للمدعي بعد ذلك (إلا لعذر كنسيان) لها عند تحليفه المدعى عليه، وحلف إن أراد القيام بها أنه نسيها (وعدم علم) بها قبل تحليفه، فله إقامتها وحلف. وكذا إذا ظن أنها لا تشهد له أو أنها ماتت (كأن حلف) المدعى عليه (لرد) شهادة (شاهد) أقامه المدعي، وكانت الدعوى لا تثبت إلا بشاهدين، فطلب منه الثاني، فقال: ليس عندي إلا هذا، وحلف المدعى عليه يميناً لرد شهادة هذا الشاهد فوجد ثانياً، كأن نسيه أو لم يعلم به، فله أن يقيمه ويضمنه [١] للأول.

(وإن أقامها) عطف على قوله: "فإن نفاها"، يعني إذا قال القاضي للمدعي حين أنكر عليه: ألك بينة؟ فإن نفاها فقد تقدم وإن أقامها (أعذر إلى المطلوب) وهو المدعي، بأن يسأله القاضي عن عذر (بأبقيت لك حجة) أي يقول القاضي للمطلوب بعد سماع بينة الطالب: أبقيت لك حجة وعذر في هذه البينة؟ فإما أن يقول: نعم، وإما أن يعجز وسيأتي الكلام في ذلك.

واستثنى من الإعذار أربعة لا إعذار فيهم بقوله: (إلا شاهد الإقرار)

ــ

وإنما طرأ لهم الرق من جهة السبي بشرط الكفر والأصل عدم السبي.

قوله: [متعلق بأمر]: المناسب أن يقول متعلق بـ يأمر.

قوله: [إن غفل المدعي]: أي إذا غفل المدعي عن الإشهاد على إقرار المدعى عليه ينبهه الحاكم ليرتاح من كثرة النزاع.

قوله: [بأن يقول] إلخ: تصوير لمقالة المدعي إما من نفسه أو بتنبيه الحاكم له.

قوله: [بل وإن لم تثبت بينهما خلطة]: أي كما هو قول ابن نافع وصاحب المبسوط.

قوله: [وقيل ليس له استحلافه]: هو قول مالك وعامة أصحابه ولكن جرى العمل بقول نافع [٢] فلذلك ضعف الشارح هذا، واستثني من اشتراط الخلطة على القول الضعيف ثمان مسائل تتوجه فيها اليمين وإن لم تثبت خلطة اتفاقاً: الأولى: الصانع يدعى عليه بما له فيه صنعة فتتوحه عليه اليمين ولو لم تثبت خلطة لأن نصب نفسه للناس في معنى الخلطة، ومثله التاجر ينصب نفسه للبيع والشراء. الثانية: المتهم بين الناس يدعى عليه بسرقة أو غصب فتتوجه عليه اليمين ولو لم تثبت خلطة، وفي مجهول الحال قولان. الثالثة: الضيف يدعي أو يدعى عليه. الرابعة: الدعوى في شيء معين كثوب بعينه. الخامسة: الوديعة على أهلها بأن يكون المدعي ممن يملك تلك الوديعة والمدعى عليه ممن يودع عنده مثلها والحال يقتضي الإيداع كالسفر والغربة. السادسة: المسافر يدعي على رفقته. السابعة: مريض يدعي في مرض موته على غيره بدين مثلاً. الثامنة: بائع يدعي على شخص حاضر المزايدة أنه اشترى سلعته بكذا والحاضر ينكر الشراء كذا في خليل وشراحه.

قوله: [ولو بامرأة]: بالغ على ذلك لبيان أن الخلطة على القول باشتراطها تثبت ولو بالعدل الواحد ولو كان امرأة فلا يشترط تعدد العدول.

قوله: [بعد أن طلب المدعي منه اليمين]: أي وأما لو حلف من نفسه قبل أن يطلب فلا يعتد بحلفه.

قوله: [بعد ذلك]: أي بعد أن نفى بينة نفسه وطلب من المدعى عليه اليمين وحلف.

قوله: [إنه نسيها]: معمول لقوله "حلف".

قوله: [وحلف]: أي ما لم يشترط أنه إن ظهرت له بينة يقيمها ولا يحلف فإنه يعمل بذلك ولا يحلف.

قوله: [وكذا إذا ظن أنها لا تشهد له]: مثل ذلك إذا كانت بعيدة الغيبة.

قوله: [فله أن يقيمه]: أي بعد حلفه إنه نسيه مثلاً ويلغى اليمين الذي رد به شهادة الشاهد لكونه لم يصادف محلاً.

قوله: [عطف على قوله فإن نفاها]: أي على وجه المقابلة.

قوله: [أعذر إلى المطلوب]: أي أزال عذره فالهمزة للسلب وليس المراد أثبت عذره وحجته إنما هو كقوله: أعجمت الكتاب، أي أزلت عجمته بالنقط، وشكا إلي زيد فأشكيته، أي أزلت شكايته كما في الحاشية، والإعذار واجب إن ظن القاضي جهل من يريد الحكم عليه بأن له الطعن أو ضعفه، وأما إن ظن علمه بأن له الطعن وأنه قادر على ذلك لم يجب بل له أن يحكم بدونه وحيث وجب الإعذار وحكم بدونه نقض الحكم واستؤنف الإعذار.

قوله: [بأبقيت لك حجة]: تصوير لما يزيل به عذره و "حجة" فاعل "أبقيت" وكلامه يحتمل أن القاضي ليس له سماع البينة قبل حضور المطلوب وهو ما قاله ابن الماجشون، ومذهب ابن القاسم أن له سماع البينة قبل الخصومة، فإذا جاء الخصم ذكر له أسماء الشهود وأنسابهم ومساكنهم فإن ادعى مطعناً كلفه إثباته وإلا حكم عليه وإن طلب إحضار البينة ثانياً لم يجب لذلك.

قوله: [وسيأتي الكلام في ذلك]: أي في قوله "فإن قال: نعم أنظره لها" إلخ.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ويضمه).
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (ابن نافع).

<<  <  ج: ص:  >  >>