للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أمر بالكلام (فيدعي بمعلوم محقق من مال أو غيره) نحو: لي عليه دينار من قرض أو بيع، واحترز: "بمعلوم " من نحو لي عليه شيء و"بمحقق " من نحو قوله: في ظني أو أظن أن لي عليه كذا.

(وبين في) دعوى (المال: السبب): كالقرض والبيع والنكاح والغصب والسرقة. (وإلا) يبين السبب (سأله الحاكم عنه): أي عن السبب وجوباً. (وإلا) بأن ادعى بمجهول أو بمعلوم غير محقق، أو لم يبين السبب (لم تسمع دعواه كأظن) أن لي عليه ديناراً، لعدم تحقق المدعي به ولو قال: أظن ظناً قوياً وما يأتي من أن البات يعتمد في يمينه على الظن القوي فذاك في اليمين وما هنا في الدعوى. وإذا لم تسمع دعواه لم يطلب من المدعى عليه جواب. (إلا أن ينسى السبب): أي يدعي نسيانه فيعذر بذلك، وتسمع دعواه؛ فيطلب الجواب من المدعى عليه، بخلاف قوله: لا أبينه، أو لا أعرفه.

(ويتهم المدعى عليه) هذا الاستثناء ناظر لمفهوم قوله: "وبين السبب" الداخل تحت: "وإلا" إلخ: أي فإن لم يبين لم تسمع دعواه -إلا أن يدعي نسيانه أو يتهم المدعى عليه كأظن أنك سرقت لي كذا أو: غصبته مني، أو: فرطت فيه حتى تلف فتسمع دعواه وتتوجه اليمين على المتهم على القول المشهور إذا أنكر المتهم؛ فإن قوله: "أظن" إلخ فيه ذكر السبب، لكن لا على وجه البيان بل الظن. فالسرقة مثلاً سبب للمدعى به لكنه مظنون لا محقق. وجعلنا بيان السبب من بيان صحة الدعوى، هو الراجح. وقيل: ليس هو من تمام صحتها وقوله: "وبين في المال السبب" مفهومه: أن غير المال لا يبين فيه سبب كالطلاق والنكاح وهو ظاهر.

(ثم) بعد أن يذكر المدعي دعواه على ما تقدم يأمر القاضي (مدعى عليه) وهو من (ترجح قوله بمعهود) شرعي كالأمانة، فإنه عهد شرعاً أن ربها مصدق في قوله، كالوديع وعامل القراض والمساقاة (أو أصل) كالمدين فإن الأصل عدم الدين، وكذا الحرية؛ فإنها الأصل. فإذا ادعى شخص على غيره بأنه رقيق فعليه البيان. والأصل في معلوم الرق عدم الحرية فإن ادعى العتق فعليه البيان (بالجواب)

ــ

يبتدئ بالكلام.

قوله: [فيدعي بمعلوم محقق]: اعلم أن المراد بعلم المدعي به تصوره وتميزه. في ذهن المدعي والمدعى عليه والقاضي. وأما تحققه فهو راجع لجزم المدعي لأنه مالك له.

قوله: [بمجهول]: محترز "معلوم".

وقوله: [أو بمعلوم غير محقق]: محترز قوله "محقق".

وقوله: [أو لم يبين السبب]: محترز قوله "وبين في المال السبب".

قوله: [كأظن أن لي عليه ديناراً]: مثال للمعلوم الغير المحقق وتقدم مثال المجهول في قوله "لي عليه شيء".

قوله: [فذاك في اليمين وما هنا في الدعوى]: وقد يقال يلزم من الظن في اليمين الظن في الدعوى. فالإشكال باق والمأخوذ من كلام (بن) والحاشية جواب آخر أوضح من هذا وهو أن ما هنا طريقة. وما يأتي في الشهادات من سماع دعوى الاتهام المفيد عدم اشتراط كون المدعى به محققاً طريقة أخرى، ويترتب على كل الخلاف في توجه يمين التهمة على المدعى عليه توجهها والمعتمد ما يأتي، فإذا علمت ذلك فذكر المصنف هذا الشرط وتقييده بدعوى الاتهام فيه نوع تناقض ويؤيد ما قلنا قوله في الحاشية باحثاً مع الخرشي فيه أن دعوى الاتهام ترجع للظن أو الشك، فالمناسب أن يقول مشى هنا على قول وهناك على قول.

قوله: [لم يطلب من المدعى عليه جواب]: أي وسواء بين السبب أم لا على المشهور. ومقابلة ما قاله المازري من أنه إذا ادعى بمجهول لم يقبل إن لم يبين السبب، فإن بين السبب أمر المدعى عليه بالجواب إما بتعيينه أو الإنكار، قال (شب) فقد ذكر ابن فرحون في تبصرته ما حاصله أن للمدعي بشيء ثلاثة أحوال: الأول أن يعلم قدر الذي يدعي به ويقول شيئاً ويأبى من ذكر قدره وفي هذه لا تقبل دعواه اتفاقاً. الثانية أن يدعي جهل المدعى به وتدل على ذلك قرينة كشهادة بينة بأن له حقاً لا يعلمون قدره وفي هذه تقبل دعواه اتفاقاً. الثالثة أن يدعي جهل قدره من غير شهادة قرينة بذلك فهي محل الخلاف الذي اختار فيه المازري سماع الدعوى به اهـ.

قوله: [هذا الاستثناء]: أي الكائن في المسألتين أعني قوله إلا أن ينسى السبب أو يتهم المدعى عليه هكذا ظاهر حله، والظاهر أن يقال: هذا الاستثناء راجع لمفهوم محقق وبيان السبب على سبيل اللف والنشر المشوش، فإن الاتهام عائد على مفهوم محقق ونسيان السبب راجع لمفهوم بيان. فتأمل. فقد علمت بما تقدم من أنهما طريقتان أن الأولى حذف هذا الاستثناء الثاني.

قوله: [كالطلاق والنكاح]: أي فإذا ادعت المرأة على زوجها الطلاق فلا تسأل عن بيان السبب.

وقوله: [والنكاح]: أي إذا ادعى رجل أو امرأة الزوجية للآخر فلا يلزم بيان السبب.

قوله: [على ما تقدم]: أي في قوله "فيدعي بمعلوم محقق".

وقوله: [أن ربها]: المراد به من هي تحت يده.

قوله: [في قوله]: متعلق بـ "مصدق". وقوله: [كالوديع]: وما بعده أمثلة للأمانة أي فالوديع وعامل القراض والمساقاة ترجح قوله بمعهود شرعي حيث قال: رددت الوديعة أو مال القراض أو ثمر الحائط.

قوله: [فإنها الأصل]: أي الأصل في الناس شرعاً الحرية

<<  <  ج: ص:  >  >>