للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بناه غير العتيق: إن صحت الجمعة في مسجدي هذا فعبدي فلان حر، فرفع العبد أمره لحنفي [١] يرى صحة تعدد الجامع، فحكم بعتقه، فالعتق محل الحكم فيرتفع فيه الخلاف قطعاً. وأما صحة الصلاة فيه للمالكي فيرتفع فيها الخلاف أيضاً، أفتى الناصر اللقاني برفعه وسلمه له المتأخرون عنه وفيه نظر. إذ حكم الحاكم بالعتق -لكونه يرى صحة الجمعة- لا يستلزم الصحة عند غير الحاكم في ذلك المسجد، إذ حكمه بالعتق لا يتعدى لصحة الجمعة ففتواه رحمه الله غير صواب.

(لا أحل) حكمه (حراماً) في الواقع بحيث لو اطلع الحاكم عليه ما حكم.

وحاصله: أن حكمه صحيح في ظاهر الحال إلا أنه يلزم عليه في الباطن فعل الحرام، فحكمه المذكور لا يحل ذلك الحرام. كما لو ادعى إنسان على رجل بدين دعوى باطلة، وأقام عليها بينة زور، فطلب الحاكم من المدعى عليه تجريحها فلم يقدر على تجريحها، فحكم له به، فالحكم صحيح في الظاهر، ولكن لا يحل للمدعي أخذ ذلك الدين في الواقع وكذا إذا لم يقم بينة فطلب الحاكم من المدعى عليه اليمين فردها على المدعي فحلف وكذا لو ادعى على امرأة بأنها زوجته، وهو يعلم بأنها ليست بزوجة له أقام على ذلك بينة زور، فطلب الحاكم منها تجريحها فعجزت فحكم له بها، فلا يجوز له وطؤها لعلمه بأنها ليست بزوجته وإن كان حكمه صحيحاً في ظاهر الحال. وقال الحنفية: يجوز له وطؤها وكذا إذا طلق رجل زوجته طلاقاً بائناً فرفعته للحاكم وعجزت عن إقامة البينة الشرعية فحكم له بالزوجية وعدم الطلاق، لم يحل له وطؤها في الباطن لعلمه بأنه طلقها وهكذا (إلا ما خالف إجماعاً) هذا استثناء منقطع من قوله: "ورفع الخلاف" أي: لكن حكمه المخالف للإجماع لا يرفع خلافاً ويجب نقضه عليه وعلى غيره كما لو حكم بأن الميراث كله للأخ دون الجد فهذا خلاف الإجماع؛ لأن الأمة على قولين: المال كله للجد أو يقاسم الأخ، وأما حرمان الجد بالكلية فلم يقل به أحد من الأمة (أو) خالف (نصاً) كأن يحكم بالشفعة للجار، فإن الحديث الصحيح وارد باختصاصها بالشريك دون الجار ولم يثبت له معارض صحيح، وكأن يحكم بشهادة كافر على مثله أو على مسلم، لأنه مخالف لقوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: ٢].

(أو) خالف (جلي قياس)

ــ

حماراً أو حجراً ملقى في اليم أليست أمنا واحدة فقضى لهم بالتشريك في الثلث مع الإخوة للأم في الفرض لا بالتعصيب فقيل له: قضيت في السابقة بحرمانهم فقال ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي.

قوله: [بناه]: صفة ثانية لمسجد، وقوله "غير العتيق" صفة ثالثة.

قوله: [إن صحت الجمعة] إلخ: مقول القول.

قوله: [الحنفي]: أي قاض حنفي وقوله "يرى صحة تعدد الجامع" أي من غير ضرورة، لأن المدار عندهم في صحة الجمعة على وجود الحكام المنصبة لإقامة الشريعة وإن لم يقيموها بالفعل، فمتى وجدت تلك الهيئة وجبت الجمعة ولا يضر تعددها.

قوله: [فيرتفع فيه الخلاف قطعاً]: أي فليس لمالكي ولا شافعي منع العتق ولا فرق بين كون هذا الحكم قبل الصلاة أو بعدها.

قوله: [وأما صحة الصلاة فيه للمالكي]. أي وغيره.

قوله: [فيرتفع فيها الخلاف]: فيه حذف حرف الاستفهام، والأصل فهل يرتفع؟ .

قوله: [أيضاً]: كما ارتفع الخلاف في الحكم بصحة العتق.

قوله: [أفتى الناصر اللقاني برفعه]: أي لبعض ملوك مصر.

وقوله: [وسلمه المتأخرون]: أي كالأجهوري وأتباعه.

قوله: [وفيه نظر] إلخ: من كلام شارحنا.

قوله: [إلا أنه يلزم عليه] إلخ: المناسب إلا إن لزم عليه إلخ ويكون جواب الشرط قوله فحكمه المذكور.

قوله: [فلم يقدر على تجريحها]: أي لو كان الحاكم لا يرى البحث عن العدالة.

قوله: [وقال الحنفية: يجوز له وطؤها]: قال في الأصل كأنهم نظروا إلى أن حكمه صيرها زوجة كالعقد.

قوله: [وهكذا]: أي فقس على تلك الأمثلة من ذلك لو كان لرجل على آخر دين ثم وفاه إياه بدون بينة فطلبه عند القاضي فقال: وفيته لك فطلب منه القاضي البينة على الوفاء فعجز وحلف المدعي أنه لم يوفه فحكم الحاكم له بالدين فلا يحل للمدعي أخذه ثانية في نفس الأمر؛ فالمراد بقوله: "لا أحل حراماً" بالنسبة للمحكوم له. والحاصل كما في (بن) أن ما باطنه مخالف لظاهره بحيث لو اطلع الحاكم على باطنه لم يحكم، فحكم الحاكم في هذا يرفع الخلاف ولا يحل الحرام، وهذا محمل قول المصنف: "لا أحل حراماً". وأما ما باطنه كظاهره كحكم الشافعي بحل المبتوتة بوطء الصغير فحكمه رافع للخلاف ظاهراً وباطناً ولا حرمة على المقلد له في ذلك وهي المسألة الملفقة. وفي الحاشية نقلاً عن بعض الشيوخ: أن المضر في التلفيق الدخول عليه، وأما إذا لم يحصل الدخول عليه وإنما حصل أمر اتفاقي جاز، كما لو عقد مالكي لصبي في حجره على امرأة مبتوتة، ودخل بها وأصابها ثم رفع أمره لحاكم مالكي فطلق على الصبي لمصلحة، ثم رفع الأمر لحاكم شافعي فحكم بحلية وطء الصغير للمبتوتة فيجوز للبات المالكي العقد على زوجته المبتوتة قاله بعض شيوخنا انتهى.

قوله: [ولم يثبت له معارض صحيح]: استبعد المازري وغيره نقض الحكم في شفعة الجار لورود الحديث فيها وأجيب بأن عامة أهل العلم لا سيما


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الحنفي).

<<  <  ج: ص:  >  >>