للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي قياساً جلياً؛ وهو ما قطع فيه بنفي الفارق: كقياس الأمة على العبد في التقويم على من أعتق نصيبه منه أحد الشريكين وهو موسر، فإن حكم بعدم التقويم في الأمة نقض. (أو) إلا ما (شذ) أي ضعف (مدركه) أي دليله: كالحكم بغير العدول أو بالأقوال الضعيفة المردودة في مذهبه. ومن ذلك: الحكم بتوريث ذوي الأرحام والشفعة للجار واستسعاء العبد إذا أعتق بعض الشركاء فيه نصيبه منه وهو معسر. (فينقض) ما خالف الإجماع -وما عطف عليه- وجوباً منه ومن غيره.

وتقدم أن العدل العالم لا تتعقب أحكامه لكن إن ظهر منها شيء مما تقدم نقض، وأما الجائر والجاهل فتتعقب أحكامهما وينقض منها ما ليس بصواب ويمضي [١] ما كان صواباً. والصواب: ما وافق قولاً مشهوراً أو مرجحاً ولو كان الأرجح خلافه. (و) إذا نقض (بين) الناقض (السبب) الذي نقض الحكم من أجله، لئلا ينسب الناقض للجور والهوى بنقضه الأحكام التي حكم بها القضاة.

ثم بين أن حكم الحاكم لا يتوقف على قوله: حكمت بل كل ما دل على الإلزام -فهو حكم- بقوله. (و) قول الحاكم: (نقلت الملك) لهذه السلعة لزيد أو ملكتها لمدعيها ونحو ذلك، حكم. (وفسخت هذا العقد) من نكاح أو بيع أو أبطلته أو رددته (أو قررته) ونحوها ومن الألفاظ الدالة على نفي أو إثبات بعد حصول ما يجب في شأن الحكم من تقدم دعوى وإقرار أو ثبوت ببينة وإعذار وتزكية - وهو معنى قولهم: لا بد للحكم من تقدم دعوى صحيحة، وصحتها لكونها تقبل وتسمع ويترتب عليها مقتضاها من إقرار أو بينة عدول إلى غير ذلك -: (حكم) وإن لم يقل حكمت ومن ذلك: خذوه فاقتلوه، أو: حدّوه، أو: عزروه. (لا) إن قال في أمر رفع إليه، كتزويج المرأة نفسها بلا ولي وكبيع وقت نداء الجمعة: (لا أجيزه): فلا يكون حكماً ولا يرفع خلافاً؛ لأنه من باب الفتوى كما قاله ابن شاس، فلغيره الحكم بما يراه من مذهبه.

(أو أفتى) بحكم سئل عنه بأن قيل له: يجوز كذا؟ أو: يصح أو لا؟ فأجاب بالصحة أو عدمها فلا يكون إفتاؤه حكماً يرفع الخلاف؛ لأن الإفتاء إخبار بالحكم لا إلزام. والحق أن قول الحاكم: لا أجيزه - إن كان بعد تقدم الدعوى - فهو حكم يرفع الخلاف، وإن كان بمجرد إخبار، كما لو قيل له: إن امرأة زوجت نفسها بلا ولي؟ فقال: لا أجيزه فهو من الفتوى. وعبارة الخرشي تشير إلى ذلك؛

ــ

علماء المدينة، لم يقولوا بها.

قوله: [أي قياساً جلياً]: أشار بذلك إلى أنه من إضافة الصفة للموصوف.

قوله: [ومن ذلك الحكم بتوريث ذوي الأرحام]: أي والحال أن بيت المال منتظم وإلا فلا نقض وإنما نقض الحكم بميراث ذوي الأرحام عند انتظام بيت المال لمخالفته لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر».

قوله: [والشفعة للجار]: أي إذا حكم بها حنفي فللمالكي نقضه وإن حكم بها مالكي فله ولغيره نقضه.

قوله: [وهو معسر]: إنما قيد بذلك لأنه إن كان المعتق موسراً كمل عليه ولا يلزم العبد استسعاء في جميع المذاهب، والمعنى أن الشريك المعتق إذا كان معسراً، وقلنا: لا يكمل عليه فحكم على العبد حاكم بالسعي وياتي للشريك الذي لم يعتق بقيمة نصيبه نقض حكمه، لكن إن كان يرى ذلك كالحنفي نقضه غيره، وإن كان لا يرى ذلك نقضه هو أو غيره، وإنما نقض في الاستسعاء والشفعة للجار، وتوريث ذوي الأرحام مع انتظام بيت المال وإن كان الحاكم فيها حنفياً؛ لأن حكم الحنفي فيها لا يرفع الخلاف لضعف مداركها بين الأئمة، ونظير ذلك حكمه بحلية شرب النبيذ قال ابن القاسم: أحد شارب النبيذ وإن قال: أنا حنفي.

قوله: [منه ومن غيره]: ظاهره يؤمر بنقضه وهو وإن كان يراه مذهباً وبه قال الشيخ أحمد الزرقاني، ولكن الذي مشى عليه الشيخ كريم الدين إن كان يراه مذهباً نقضه غيره لا هو.

قوله: [مما تقدم]: أي من مخالفة الإجماع أو النص أو القياس وإلخ.

قوله: [بين الناقض السبب] أي وسواء كان الحكم الأول له أو لغيره.

قوله: [نقلت الملك]: وهو وما عطف عليه مقول قول محذوف قدره الشارح بقوله: "وقول الحاكم" وهو مبتدأ خبره قوله الآتي "حكم".

قوله: [وهو معنى قولهم لا بد للحكم من تقدم دعوى] إلخ: فيه أن الحكم عندنا لا يشترط فيه تقدم دعوي ألا ترى أن القاضي له أن يسمع البينة على الغائب ويحكم عليه وإذا جاء سمى له البينة وأعذر له فيها؛ فإن أبدى مطعناً نقض الحكم وإلا فلا. وأجيب أن قوله "لا بد في الحكم" إلخ محمول على الحاضر وقريب الغيبة بأن كان على مسافة يومين مع الأمن، وأما بعيد الغيبة فيجوز الحكم عليه في غيبته كما يأتي كذا في حاشية الأصل.

قوله: [خذوه فاقتلوه] إلخ: أي عند ثبوت موجب القتل أو الحد أو التعذير.

قوله: [بأن قيل له يجوز كذا]: أي على سبيل الاستفهام فحذف الهمزة تخفيفاً.

وقوله: [أو لا]: مقابل لكل من يجوز أو يصح.

وقوله: [فأجاب بالصحة أو عدمها]: راجع لقوله "أو يصح" وحذف جواب الأول.

قوله: [وعبارة الخرشي تشير إلى ذلك]: أي حيث قال: وأما إذا رفع إليه قضية هذه المرأة فلم يزد على قوله لا أجيز نكاحاً بغير ولي من غير قصد إلى فسخ هذا النكاح بعينه فإن هذا


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ويمض).

<<  <  ج: ص:  >  >>