بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئاً، وإنما يجب لها النصف بالطلاق.
ثم شبه في غرمهما نصف الصداق بقوله: (كرجوعهما) أي الشاهدين (عن دخول) أي شهادتهما بدخول (ثابتة الطلاق) بإقرار زوجها به أو ببينة عليه به وأنكر الدخول بها فشهدا عليه به، فغرم لها جميع الصداق ثم رجعا بعد الحكم عن شهادتهما بالدخول، فيغرمان له نصفه. فإن رجع أحدهما غرم له الربع. وهذا في نكاح التسمية. وأما في التفويض فيغرمان له جميع صداق المثل؛ لأنه إنما يلزمه بالدخول لا بالطلاق قبله.
(واختص به) أي بغرم نصف الصداق (الراجعان عن) شهادة (الدخول عن الراجعين عن) شهادة (طلاق) أي إذا شهدا على رجل بأنه طلق امرأته، وشهد آخران بأنه دخل بها، فحكم عليه الحاكم بالطلاق وجميع الصداق، ثم رجع الأربعة عن شهادتهم، فقد تم الحكم ولا ينقض، واختص شاهدا الدخول؛ بغرم نصف الصداق للزوج دون بينة الطلاق؛ لأن رجوعها بمنزلة رجوع شهادة طلاق مدخول بها ولا غرم عليها كما تقدم.
(و) إن رجعا (عن عتق) أي عن شهادتهما به بعد الحكم به (غرما) لسيد العبد (قيمته يوم الحكم، وولاؤه له): أي لسيده دون الشاهدين (فإن كان) العتق الذي شهدا به ثم رجعا (لأجل) غرما قيمته يوم الحكم لسيده. وإذا غرماها (فمنفعته) أي العبد (لهما) أي الشاهدين الراجعين (إليه) أي إلى الأجل يستوفيان منها القيمة التي غرماها لسيده.
(إلا أن يستوفياها قبله) أي قبل تمام الأجل فيرجع الباقي من المنفعة للسيد. وإن حل الأجل قبل استيفائها ضاع الباقي عليهما. وهذا قول سحنون، وهو أرجح الأقوال التي ذكرها الشيخ.
الثاني: يغرمان القيمة بعد أن يسقط منها قيمة المنفعة مدة الأجل على الرجاء والخوف.
الثالث: يخير السيد بين أن يسلم المنفعة لهما بعد أخذ القيمة منهما وبين أن يبقيها تحت يده ويدفع لهما قيمتها شيئاً فشيئاً على التقضي حتى يتم الأجل.
(و) إن رجعا (عن مائة) شهدا بها (لزيد وعمرو) معاً على السوية، ثم رجعا بعد الحكم بها لهما و (قالا: بل هي) أي المائة كلها (لزيد) ولا شيء منهما لعمرو (اقتسماها): أي زيد وعمرو؛ لأن الحكم بها لهما لا ينقض.
(وغرما للمدين خمسين فقط) عوضاً عن الخمسين التي أخذها عمرو منه ولا يغرمان له جميع المائة لاتفاقهما على زيد من غير رجوع عنه وليس لزيد سوى الخمسين التي تخصه من المائة.
(وإن رجع أحدهما) أي أحد الشاهدين في جميع مسائل الرجوع دون الآخر (غرم) الراجع (النصف): أي نصف الحق فيغرم نصف الدية في القتل ونصف المال في غيره، فيغرم للمدين في مسألة زيد وعمرو خمساً وعشرين.
واختلف: إذا ثبت الحق بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد بعد الحكم هل يغرم جميع الحق؟ وهو قول ابن القاسم
ــ
قوله [بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئاً]: أي فهو مشهور مبني على ضعيف
قوله: [وأما في التفويض]: أي كما إذا عقد عليها من غير تسمية صداق ثم طلقها وادعى عدم الدخول وأنه لا شيء عليه فشهدا عليه بالدخول غرم جميع الصداق لها، فإذا رجعا عن الشهادة غرما له كل الصداق لأنها لا تستحقه في نكاح التفويض إلا بالدخول ولم يحصل.
قوله: [واختص شاهدا الدخول بغرم نصف الصداق]: ما ذكر الشارح من أن شاهدي الدخول إذا رجعا يغرمان نصف الصداق للزوج هو ما في التتائي وحلولو وابن مرزوق بناء على أنها تملك بالعقد النصف والنصف الثاني ما أوجبه إلا شاهدا الدخول، وقال الشيخ أحمد الزرقاني وبهرام يغرمان كل الصداق بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئاً والدخول الذي شهدا به أوجب كل الصداق فإذا رجعا عن الشهادة غرما ما أتلفاه بتلك الشهادة.
قوله: [رجوع شهادة]: الكلام على حذف مضاف أي أصحاب شهادة هكذا علل الشارح تبعاً للبناني.
تتمة: إذا ماتت المرأة في مسألة رجوع شاهدي الطلاق والدخول، واستمر الزوج على إنكاره للطلاق فإن شاهدي الدخول يرجعان عليه بما غرماه له، لأن موتها في عصمته يكمل عليه الصداق ورجع الزوج على شاهدي الطلاق بما فوتاه من إرثه منها إذ لولا شهادتهما لورثها، وإن مات هو رجعت على شاهدي الطلاق بما فوتاه من الإرث للعلة المذكورة.
قوله: [وولاؤه له]: أي فإذا مات العبد ولا وارث له أخذ سيده ماله، وانظر لو كان له وارث هل يرجع السيد على الشهود بما أخذه الوارث لأنه لولا شهادتهما لأخذ ماله بالرق أولا لأنهما غرما له قيمته وهو الظاهر اهـ (عب).
قوله: [إلا أن يستوفياها]: استثناء من استمرار المنفعة للأجل.
قوله: [الثاني يغرمان القيمة]: هو قول عبد الله بن عبد الحكم كما قال ابن عرفة وابن عبد السلام.
قوله: [الثالث يخير السيد]: هو قول ابن المواز.
قوله: [شهدا بها لزيد وعمرو]: أي على بكر مثلاً
قوله: [وغرما للمدين]: أي الذي هو بكر.
قوله: [عوضاً عن الخمسين التي أخذها عمرو]: أي لإتلافهما تلك الخمسين على المدين الذي هو بكر ليس بشهادتهما.
قوله: [وليس لزيد سوى الخمسين التي تخصه]: أي ولو كان يدعي المائة بتمامها لأن العبرة بالشهادة الأولى التي ثبت بها الحكم
قوله: [غرم الراجع النصف]: أي إن كان رجوعه عن جميع الحق الذي شهد به، وأما إن كان رجوعه