(وأدبا): أي الشاهدان إذا رجعا بعد الحكم بالحد (في كقذف) أدخل بالكاف: شرب الخمر والشتم واللطم وضرب السوط. وأما شهود الزنا إذا رجعوا قبل الحكم أو بعده فعليهم حد القذف وعليهم أيضاً غرم الدية إن رجم كما تقدم، ما لم يثبت أن المشهود عليه به كان مجبوباً أو غير عفيف فلا حد قذف على الراجح. والمسألة استوفاها الشيخ عمت بركاته (ولا يقبل رجوعهما عن الرجوع) عن الشهادة، فإذا شهدا بحق ثم رجعا قبل الحكم بطل شهادتهما. فإن رجعا عن الرجوع إلى الشهادة لم تقبل منهم، وإذا رجعا بعد الحكم عن الشهادة ثم رجع إليها لم تقبل منهم ويغرمان. ما أتلفاه بشهادتهما؛ كالراجع المتمادي؛ لأن رجوعهما عن الرجوع يعد ندماً ولأنه بمنزلة من أقر ورجع عن إقراره.
(وإن علم الحاكم بكذبهم) في شهادتهم (وحكم) بما شهدوا به من قتل أو رجم أو قطع (فالقصاص) عليه دون الشهود وسواء باشر القتل أو لا.
(كولي الدم): إذا علم بكذبهم وأقامهم وحكم الحاكم بهم فإنه يقتص منه، فإن علم الحاكم والولي اقتص منهما. ومفهوم: "علم بكذبهم" أنه إذا لم يعلم فلا قصاص وإن علم بقادح فيهم، وهو المعتمد. وإنما على الحاكم الدية في ماله.
(وإن رجعا عن طلاق) أي عن شهادتهما بطلاق بعد الحكم (فلا غرم) عليهما (إن دخل) الزوج المشهود عليه بالطلاق بزوجته المشهود بطلاقها لأنهما لم يتلفا عليه بشهادتهما مالاً وإنما فوتاه الاستمتاع ولا قيمة له وقد استحقت جميع الصداق بالدخول.
(وإلا) يدخل الزوج بها (فنصف الصداق) يغرمانه له
ــ
لا يشهدون بإحصانه.
قوله: [وأدبا] إلخ: محل أدبهما حيث تبين كذبهما عمداً فإن تبين أنه اشتبه عليهما فلا أدب وإن أشكل الأمر فقولان بالتأديب وعدمه
قوله: [واللطم]: أي الضرب بالكف.
قوله: [فلا حد قذف على الراجع]: أي لما يأتي من أن حد القذف شرطه أن يكون المقذوف عفيفاً ذا آلة.
قوله: [والمسألة استوفاها الشيخ]: حاصل ما بقي من الذي استوفاه الشيخ أن شهود الزنا الراجعين يحدون حد القذف مطلقاً رجعوا قبل الحكم أو بعده قبل الاستيفاء أو بعده مع غرم الدية في الرجم كرجوع أحد الأربعة قبل الحكم وإن رجع بعده حد الراجع فقط. وأما إن ظهر أن أحد الأربعة عبد أو كافر حد الجميع وإن رجع اثنان من ستة فلا غرم وإلا حد، وإنما يؤدبان بالاجتهاد إلا أن يتبين أن أحد الأربعة عبد أو كافر فيحد الراجعان والعبد ولا حد على الثلاثة الباقين؛ لأنه قد شهد معهم اثنان ولا عبرة برجوعهما في حقهم لأن شهادتهما معمول بها في الجملة وغرم الراجعان فقط دون العبد ربع الدية ثم إن رجع ثالث من الستة ولم يكن فيهم عبد حد هو والسابقان وغرموا ربع الدية، وإن رجع رابع غرموا نصفها أرباعاً بين الأربعة مع حد الرابع أيضاً وخامس فثلاثة أرباعها بينهم أخماساً وسادس فجميعها أسداساً مع حده أيضاً، وإن شهد ستة بزنا محصن ورجع أحدهم بعد فقء عينه وثانيهم بعد موضحته وثالثهم بعد موته، فعلى الأول سدس دية العين لذهابها بشهادته وعلى الثاني سدس دية العين وخمس دية الموضحة وعلى الثالث ربع دية النفس لأنها ذهبت بشهادة أربعة هو أحدهم، ولا شيء عليه من دية العين والموضحة لاندراجهما في النفس، وهذا مبني على مذهب ابن المواز من أن الرجوع بعد الحكم وقبل الاستيفاء يمنع من الاستيفاء، وأما على قول ابن القاسم فينبغي أن يكون على الثلاثة الراجعين ربع دية النفس دون العين والموضحة؛ لأنه قتل بشهادة الستة ودية الأعضاء تندرج فيها اهـ ملخصاً من الأصل.
قوله: [بطلت شهادتهما]: أي ولا يحكم القاضي على الخصم بتلك الشهادة.
قوله: [لم تقبل منهم]: أي لجرحتهم بذلك فلا يعتد بشهادتهم مطلقاً رجعا لها أم لا.
قوله: [عن الشهادة]: متعلق بـ"رجعا" أي بعد أن حكم القاضي بشهادتهما.
قوله: [رجعا]: فلا يعتد برجوعهما والحكم بشهادتهما ماض.
وقوله: [ويغرمان ما أتلفاه]: أي من دية النفس أو المال، ورجوعهما للشهادة ثانياً لا يدفع عنهما غرماً لأنه يعد ندماً كما قال الشارح.
قوله: [ولأنه بمنزلة من أقر]: أي بحق مالي أو ما في معناه من كل ما يؤخذ فيه بالإقرار.
قوله [وإن علم] إلخ: أي ثبت علمه بذلك بإقراره لا ببينة تشهد عليه بعلمه فلا يقتص منه إن كان منكراً للعلم، وذلك لفسقهم بكتمهم الشهادة قبل الاستيفاء هكذا قالوا، ولكن هذا ظاهر إن لم تعذر البينة وقت الاستيفاء بغيبة مثلاً، وإلا كان بمنزلة إقراره.
قوله: [وسواء باشر القتل أو لا]: أي فالمباشر للقتل بأمره كالجلاد ولا شيء عليه ما لم يعلم بكذب الشهود أيضاً وإلا اقتص منه كالحاكم والولي لتمالؤهم على القتل.
قوله: [وإن علم بقادح فيهم]: أي وذلك لأنه لا يلزم من وجود القادح في الشاهد كذبه.
قوله: [وإنما على الحاكم الدية في ماله]: أي ولا يشاركه فيها المدعي إن كان يعلم القادح كالحاكم؛ لأن البحث عن القادح من وظيفة القاضي لا المدعي.