للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للأجنبي غير الشريك (فالسنتان) فقط يكون حيازة، ولا تسمع بعدهما فيهما دعوى مدع حاضر ساكت بلا مانع. وأما الثوب يلبس فالعام فقط. وأما أمة الوطء.

فتفوت بوطئها بالفعل مع علم ربها وسكوته بلا عذر وكذا البيع والهبة والصدقة، إلا أن البيع يجري على بيع الفضولي الآتي.

(ولا حيازة) في شيء من عقار أو غيره (إن شهدت) البينة للمدعي على واضع اليد (بإعارة ونحوها) كإجارة وعمرى وإخدام ومساقاة فتسمع تلك البينة ويقضى للمدعي بمقتضى الشهادة والإقرار من واضع اليد بذلك كالبينة بل أقوى، ومحل سماع البينة ما لم يحصل من الحائز بحضرة المدعي وسكوته بلا عذر ما لا يحصل إلا من المالك كالبيع والهبة والصدقة، وإلا فلا تسمع، كما يؤخذ مما يأتي بعده وهو قوله: (وإن تصرف غير مالك مطلقاً) قريباً أو أجنبياً، شريكاً أو لا (بهبة أو كتابة أو نحوهما) كصدقة وعتق وبيع (وهو) أي المدعي (حاضر) حين التصرف (عالم) به (لم ينكره) مع تمكنه من الإنكار (مضى) فعل غير المالك و (لا كلام له) أي للمالك.

(وله) في البيع بحضوره وسكوته بلا مانع (أخذ ثمن المبيع) لأن حضوره مع سكوته بلا مانع إذن منه وإقرار بالبيع (إن لم يطل كسنة) فإن مضى العام فلا ثمن له أيضاً ولعله إن قبضه الفضولي. وأما لو باعه لأجل كالعام.

فلربه قبضه بعد الأجل قال ابن رشد: وتحصل الحيازة في كل شيء بالبيع والهبة والصدقة والعتق والكتابة والتدبير والوطء ولو بين أب وابنه ولو قصرت المدة، إلا أنه إن حضر مجلس البيع فسكت لزمه البيع وكان له الثمن. وإن سكت بعد العام ونحوه استحق البائع الثمن بالحيازة مع يمينه وإن لم يعلم بالبيع إلا بعد وقوعه فقام حين علم فله أخذ حقه وإن سكت العام لم يكن له إلا الثمن وإن لم يقم حتى مضت مدة الحيازة لم يكن له شيء واستحقه الحائز، وإن حضر مجلس الهبة والعتق فسكت لم يكن له شيء، وإن لم يحضر ثم علم فإن قام حينئذ كان له حقه. وإن قام بعد العام فلا شيء له.

واختلف في الكتابة: هل تحمل على البيع أو على العتق؟ قولان. اهـ. وأما الديون الثابتة في الذمم فقيل: يسقطها مضي عشرين عاماً مع حضور رب الدين وسكوته، وهو قول مطرف. وقيل: مضي ثلاثين.

وقيل: لا تسقط بحال، وقيل غير ذلك إلا أن القول بأنه يسقطها مضي السنتين بعيد جداً، والأظهر الرجوع في ذلك للاجتهاد في حال الزمن والدين والناس والله أعلم.

ــ

قوله: [للأجنبي غير الشريك]: المتبادر منه رجوعه للدية وأمة الخدمة وتقييده بغير الشريك يفيد أن الأجنبي الشريك لا يعد حائزاً في الدابة وأمة الخدمة إلا بالزيادة على الثلاث سنين مع التصرف.

قوله: [وأما الثوب يلبس فالعام]: ظاهر كلامهم أنه مخصوص بالأجنبي غير الشريك أيضاً

قوله: [فتفوت بوطئها]: أي مطلقاً كان الواطئ لها أجنبياً أو غيره لما يلزم عليه من إعارة الفروج لو بقيت.

قوله: [وكذا البيع والهبة]: أي مثل وطء الأمة كما سيأتي التصريح بذلك.

قوله: [بإعارة] إلخ: حاصله أن محل ثبوت الحيازة في جميع ما تقدم والتفاصيل المتقدمة ما لم يثبت أن المالك أعارها للحائز أو آجرها أو أعمرها أو أخدمها إن كان رقيقاً أو ساقاها إن كان بستاناً، وأولى من ثبوت البينة إقرار الحائز بذلك، وإلا فهو باق على ملك المدعي إلا بتصرف بهبة أو كتابة أو صدقة أو عتق أو بيع، والآخر حاضر عالم ساكت من غير مانع إلا أنه في البيع يجري فيه قوله، "وله أخذ ثمن المبيع" إلخ.

قوله: [فلربه قبضه بعد الأجل]: أي ما لم يسكت عاماً بعد حلول الأجل.

قوله: [قال ابن رشد]: قصده بتلك العبارة الاستدلال على ما تقدم فليس مكرراً.

قوله: [في كل شيء]: أي يصلح لذلك الشيء العارض.

قوله: [استحق البائع الثمن]: أي ما لم يكن مبيعاً لأجل فلا يضره إلا مضي عام بعد حلول الأجل.

قوله: [فله أخذ حقه]: أي بنقض البيع أو إمضائه والمطالبة بالثمن.

قوله: [وإن سكت العام]: أي بعد العلم قوله: [حتى مضت مدة الحيازة]: قال في الأصل فإن كان غائباً فله الرد بعد حضوره وعلمه ما لم يمض عام، فإن مضى فليس له الرد وله أخذ الثمن ما لم يمض ثلاثة أعوام من البيع وإلا سقط حقه منه أيضاً. كذا ذكروا فتأمله اهـ فلعل هذا معنى قوله هنا: "وإن لم يقم حتى مضت مدة الحيازة لم يكن له شيء" إلخ.

قوله: [فإن قام حينئذ]: أي دون العام.

قوله: [وقيل مضى ثلاثين]: هو قول مالك

قوله: [وقيل لا تسقط بحال]: هذا هو الذي اختاره ابن رشد في البيان، ونصه إذا تقرر الدين في الذمة وثبت فيها لا يبطل، وإن طال الزمان وكان ربه حاضراً ساكتاً قادراً على الطلب به لعموم خبر: «لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم» اهـ واختار هذا القول التونسي والغبريني.

قوله: [في حال الزمن والدين والناس]: أي فيعمل بقرائن الأحوال فشأن الغني يمهل أحباءه الزمن الطويل وشأن الفقير المحتاج لا مهلة عنده لا سيما إن كان من عليه الدين غير صاحب. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>