للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله (معصوماً) مفعول لقوله: "أتلف" وهو إشارة للمجني عليه، وشروطه: أي إن أتلف المكلف المذكور معصوماً مكلفاً أم لا، فلا يشترط في المجني عليه التكليف بل العصمة، فخرج الحربي والمرتد، فلا يقتص من قاتله لعدم عصمته بالارتداد.

ويؤخذ من شرط عدم زيادة الجاني بحرية أو إسلام: أنه يشترط في المجني عليه أن لا يكون أنقص من الجاني، فإن كان أنقص لم يقتص من الجاني، وهو ظاهر وقد تقدم مثاله.

(للتلف) متعلق بـ "معصوم": أي معصوماً للتلف: أي من وقت الضرب أو الرمي بالسهم للموت؛ فمن ضرب أو رمى معصوماً فارتد قبل خروج روحه لم يقتص من الضارب أو الرامي لأن المجني عليه لم يكن معصوماً وقت التلف وكذا تعتبر حالة الرمي، فمن رمى غير معصوم أو أنقص منه برق أو كفر، فأسلم قبل الإصابة أو عتق الرقيق لم يقتص من الرامي [١]. وأما من قطع يد معصوم مثلاً فارتد المقطوع ثم مات من القطع مرتداً ثبت القصاص في القطع فقط، لأنه كان معصوماً حال القطع فقوله: "للتلف" أي: لا حين الجرح أو الضرب أو الرمي فقط وقول الشيخ: "والإصابة" الأولى حذفه؛ لأن الكلام هنا في النفس لا الجرح. وسيأتي له الكلام على الجرح.

وكذا قوله: "قبله حين القتل" لأنه يوهم أنها لا تعتبر المساواة إلا حين القتل خاصة، مع أنها تعتبر حين القتل وحين الجرح أو الرمي معاً كما تقدم.

ثم بين أن العصمة تكون بأحد أمرين بقوله: (بإيمان) أي إسلام (أو أمان) لحربي من سلطان أو غيره وشمل [٢] الأمان عقد الجزية فلا حاجة لقول ابن الحاجب: أو جزية.

(فالقود): جواب الشرط أي: إن أتلف مكلف معصوماً فالقود: أي القصاص واجب لولي الدم عليه لا لغير ولي الدم، بل هو معصوم بالنسبة له فإذا قتل غير ولي الدم قاتلاً لمعصوم فإنه يقتص منه كما ذكره الشيخ بقوله: "كالقاتل من غير المستحق".

وبالغ على ثبوت القود للولي بقوله: (وإن قال) المعصوم لإنسان: (إن قتلتني أبرأتك) فقتله فلا يسقط القود عن قاتله وكذا لو قال له بعد أن جرحه ولم ينفذ مقتله: أبرأتك من دمي، لأنه أسقط حقاً قبل وجوبه، بخلاف ما لو أبرأه بعد إنفاذ مقتله أو قال له: إن مت فقد أبرأتك، فيبرأ، ثم إن محل تعين القود إذا لم يعف ولي الدم عن الجاني.

(وليس للولي عفو) عن الجاني (على الدية إلا برضا الجاني) بل له العفو مجاناً أو على الدية إن رضي الجاني فإن لم يرض الجاني بها خير الولي بين أن يقتص بها أو يعفو مجاناً وقال أشهب: الخيار للولي بين ثلاثة أمور: القصاص، والعفو مجاناً، والعفو على الدية، ولا كلام للجاني وهو خلاف المذهب.

(ولا قود): أي ليس للولي قود (إلا بإذن الحاكم) من إمام أو نائبه (وإلا) بأن اقتص الولي بغير إذن الحاكم

ــ

القتل لأخذ المال فلا يشترط فيه الشروط المتقدمة بل يقتل الحر بالعبد والمسلم بالكافر، ولذا قال مالك: لا عفو فيه ولا صلح، وصلح الولي مردود والحكم فيه للإمام كما سيأتي.

قوله: [معصوماً]: صفة لموصوف محذوف أي شخصاً معصوماً.

قوله: [فلا يقتص من قاتله]: أي المرتد.

وقوله: [لعدم عصمته بالارتداد]: تعليل لعدم القصاص من قاتل المرتد وترك التعليل للحربي لظهوره، لأن الحربي دمه هدر لكل مسلم يسوغ له القدوم عليه. بخلاف المرتد فقتله ليس إلا للحاكم فربما يتوهم أنه لو قتله غيره فيه القصاص فأفاد أنه لا قصاص فيه وإن كان عليه ثلث خمس دية مسلم كما يأتي.

قوله: [وقد تقدم مثاله]: أي في قوله "فلا يقتل حر مسلم برقيق" إلخ.

قوله: [أي معصوماً للتلف]: الأوضح حذف قوله "للتلف" و "أي" التي بعدها.

قوله: [غير معصوم]: أي لكونه حربياً مثلاً.

قوله: [أو كفر]: أي مع كونه من أهل الذمة.

قوله: [فأسلم قبل الإصابة]: راجع لغير المعصوم وللكافر الذمي.

قوله: [أو عتق الرقيق]: راجع لقوله "برق" فاتكل في التفريغ على صرف الكلام لما يصلح له.

قوله: [وقول الشيخ والإصابة]: أي حيث قال خليل للتلف والإصابة؛ لأن معناه يشترط في المجني عليه أن يكون معصوماً أي حين تلف النفس أي موتها، وإلى الإصابة في الجرح فاللام بمعنى إلى فاعترض عليه بما قال الشارح.

قوله: [وسيأتي له الكلام على الجرح]: أي ومصنفنا مثله فلو ذكر الإصابة لاعترض عليه

قوله: [بإيمان]: أي لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها».

قوله: [أو أمان]: أي لقوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} [التوبة: ٦] ولقوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} [التوبة: ٢٩] إلى قوله: {حتى يعطوا الجزية} [التوبة: ٢٩] قوله: [فالقود]: إنما سمي القتل قصاصاً بذلك لأن الجاهلية كانوا يقودون الجاني لمستحقها بحبل ونحوه. هذا، وقد اختلف أهل العلم هل القصاص من الجاني يكفر عنه إثم القتل أم لا؟ فمنهم من ذهب إلى أنه يكفره لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «الحدود كفارات لأهلها» فعمم ولم يخصص قتلاً من غيره، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يكفرها لأن المقتول المظلوم لا منفعة له في القصاص، وإنما القصاص منفعته للأحياء لينتهي الناس عن القتل، قال تعالى: {ولكم في القصاص حياة} [البقرة: ١٧٩] ويخص الحديث بالحدود التي الحق فيها لله فقط والحق الأول.

قوله: [أو قال له إن مت فقد أبرأتك]: أي ولو كان قبل إنفاذ مقتله كذا في حاشية الأصل، ولكن لا بد من كون البراءة بعد الجرح

قوله: [وقال أشهب]: مقابل لكلام المصنف الذي هو طريقة ابن القاسم


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (من الرامي) ليس في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (شمل).

<<  <  ج: ص:  >  >>