للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما لم يكن الضعف جداً، وإلا فالدية.

(وإن فقأ سالم) أي سالم العينين (عين أعور) فيخير المجني عليه بين فقء المماثلة من الجاني وبين أخذ دية كاملة من مال الجاني ولو كان أخذ دية الأول على الأصوب للسنة، ولأنه ينتفع بالواحدة انتفاع العينين كما قال.

(فله) أي للأعور، وتسميته أعور بحسب ما كان وإلا فوقت التخيير هو أعمى (القود) أي القصاص (أو أخذ دية كاملة من ماله) لأنه عمد.

(وإن فقأ أعور من سالم مماثلته) أي مماثلة عين [١] الجاني السالمة (فله) أي لسالم العينين المجني [٢] عليه (القصاص) من الأعور الجاني بأن يفقأ عينه السالمة فيصيره أعمى (أو) يترك القصاص ويأخذ من الجاني (دية ما تركه) وهي عين الجاني، وديتها ألف دينار على أهل الذهب.

(و) إن فقأ الأعور من السالم (غيرها) أي غير المماثلة لعينه، بأن فقأ من السالم مماثلة العوراء (فنصف دية فقط) تلزم الجاني (في ماله) وليس للمجني عليه أن يقتص لعدم المحل المماثل.

(وإن فقأهما) أي إن فقأ الأعور عيني السالم عمداً في مرة أو مرتين وسواء فقأ التي ليس له مثلها أولاً أو ثانياً على الراجح (فالقود) حق المجني بأن يفقأ المماثلة من الجاني فيصيره أعمى لبقاء سالمته (ونصف الدية) يأخذه المجني عليه من الجاني بدل ما ليس لها مماثلة ولم يخير سالم العينين في المماثلة بحيث يكون له القصاص أو أخذ الدية لئلا يلزم عليه أخذ دية ونصف، وهو خلاف ما ورد عن الشارع صلى الله عليه وسلم.

(والاستيفاء) في النفس (للعاصب) الذكر فلا دخل فيه لزوج ولا لأخ لأم أو جد لها، والاحتراز بقيد "النفس" عن الجرح لأنه للمجني عليه لا للعاصب (على ترتيب الولاء) فيقدم الأقرب فالأقرب، فيقدم ابن، فابنه إلخ.

(إلا الجد) الأدنى (والإخوة فسيان) هنا في القتل والعفو، ولا كلام للجد الأعلى مع الإخوة ولا لبني الإخوة مع الجد؛ لأنه بمنزلة أبيهم ولا كلام لهم مع أبيهم، فكذا ما هو بمنزلته، وقولنا هنا: "في القتل" إلخ احتراز عن إرث الولاء، فليس الجد مساوياً للإخوة

ــ

ويحذف ما بين الكلامين.

قوله: [ما لم يكن الضعف جداً]: انظر من ذكر هذا القيد فإن ظاهر كلام الشراح التي بأيدينا أن السليمة تؤخذ بالضعيفة من غير تقييد بهذا القيد وترك الشرح تتميم المسألة. وحاصل فقهها أن العين السليمة تؤخذ بالضعيفة خلقة أو لكبر أو لجدري أو لرمية أو نحوها كطرفة، ولو أخذ صاحبها لها عقلاً حيث كانت الجناية على تلك الضعيفة عمداً كما هو الموضوع، فإن كانت الجناية خطأ فإن كان ضعفها خلقة أو لكبر أو لجدري أو لكرمية ولم يتمكن صاحبها من أخذ عقلها من الرامي الأول فالدية كاملة، وأما إذا تمكن من أخذ عقلها منه غرم الجاني المخطئ لربها بحساب ما بقي من نورها.

قوله: [وبين أخذ دية كاملة]: أي وهي دية عين نفسه.

قوله: [ولو كان أخذ دية الأولى على الأصوب]: أي كما في ابن عرفة عن ابن القاسم وأشهب، ولذا قال المسناوي: الفقه صحيح لكن تخير المجني عليه بين الدية والقصاص مشكل لأن مشهور المذهب تحتم القصاص في العمد. وأجيب بأن الموجب للتخيير هو عدم مساواة عين الجاني والمجني عليه في الدية؛ لأن دية عين المجني عليه ألف دينار، بخلاف عين الجاني فديتها خمسمائة دينار، فلو

ألزمناه بالقصاص لكان أخذ الأدنى في الأعلى وهو ظلم له كمن كفه مقطوعة، وقطع يد رجل من المرفق اهـ وهذا الجواب يقوي إشكال التخيير في صورة ما إذا فقأ أعور من سالم مماثلته كذا في (بن) والجواب الأتم قولهم للسنة.

قوله: [لأنه عمد]: علة لكون الدية في ماله.

قوله: [على أهل الذهب]: أي كما سيأتي في تفاصيل الديات.

قوله: [وسواء فقأ] إلخ: أي كما هو قول ابن القاسم. وقال أشهب: إن بدأ بالتي له مثلها وثنى بالأخرى فالقصاص وألف دينار لتعيين القصاص بالمماثلة، وصارت الثانية عين أعور فيها دية كاملة، وإن فقأهما معاً أو بدأ بالتي ليس له مثلها فالقود في المماثلة ونصف الدية في غيرها.

قوله: [لبقاء سالمته]: الأوضح مماثلته وهو تعليل لقوله "فالقود".

قوله: [لئلا يلزم عليه أخذ دية ونصف]: أي حيث اختار الدية في العينين.

قوله: [للعاصب]: أي واستيفاء القصاص من الجاني لعاصب المقتول لا لغيره، ولذا قالوا لا يجوز للحاكم القتل بمجرد ثبوته ولو عاينه أو شهدت بين يديه بينة، بل يحبس الجاني حتى يحضر العاصب إذا وجد على الترتيب، فإن لم يكن له عاصب فالنظر للحاكم وهذا في غير القتل غيلة، وأما هو فالنظر فيه للحاكم من أول الأمر.

قوله: [الذكر]: أي وهو العاصب بنفسه خرج العاصب لغيره أو مع غيره، وتقييد الشارح العاصب بالذكر أغلبي وإلا فالمعتق عاصب بنفسه وإن كان أنثى.

قوله: [فلا دخل فيه لزوج]: أي إلا أن يكون ابن عم لزوجته المقتولة.

قوله: [والاحتراز بقيد النفس]: أي الذي زاده الشارح بعد قوله "والاستيفاء".

قوله: [لأنه للمجني عليه]: أي إن كان رشيداً وإلا فلوليه.

قوله: [على ترتيب الولاء]: المناسب على ترتيب النكاح لأنه المتقدم.

قوله: [فسيان هنا]: أي كما قال الأجهوري في نظمه المشهور.

وسوه مع الآباء في الإرث والدم.

قوله: [ولا كلام للجد الأعلى]: محترز قوله "الأدنى"، لأن الجد الأعلى في نسبته كالأعمام وإن كان يقدم عليهم.

قوله: [ولا لبني الإخوة مع الجد]: أي الأدنى.

قوله [عن إرث الولاء]: أي لا إرث النسب. فسيان


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>