للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو المنصوص وقطعه، وقولنا: "في بستان" احتراز عن نخل في دار، فيقطع سارق ثمره اتفاقاً؛ لأنه في حرزه.

وقولنا "معلق خلقة" احترازاً عما لو قطع وعلق على الشجر، فلا قطع ولو بغلق فلو قطع الثمر وجعل في محل في [١] البستان اعتيد وضعه فيه قبل نقله للجرين فسرق منه نصاب، فثالث الأقوال: يقطع إن جمع بعضه على بعض، لا إن كان مفرقاً. وقيل: يقطع مطلقاً، وقيل: لا مطلقاً.

(وتثبت) السرقة (ببينة) عدلين (أو بإقرار) من السارق (طوعاً وإلا) بأن أكره على الإقرار، ولو بضرب -وأما الإقدام على السرقة فلا يجوز ولو بالقتل على الراجح- (فلا) قطع ولا يلزمه شيء.

(ولو أخرج السرقة): أي الشيء المسروق لاحتمال وصول المسروق إليه من غيره (أو) أخرج (القتيل) المتهم في قتله: فلا يقطع ولا يقتل، إلا إذا أقر بعد الإكراه آمناً (إلا ذا التهمة): فيؤخذ بإقراره حالة الإكراه عند سحنون على المعتمد، وبه الحكم إن ثبت أنه متهم عند حاكم. ولكن المشهور قول ابن القاسم: لا [٢] يلزم المكره شيء ولو متهماً، وهو الموافق لقواعد الشرع.

(و) إذا أقر طائعاً ورجع عن إقراره (قبل رجوعه) فلا يقطع وإن لزمه المال حيث عينه وعين صاحبه، نحو سرقت دابة زيد، بخلاف: سرقت أو سرقت دابة (ولو) كان رجوعه (بلا شبهة) كقوله: كذبت في إقراري، فأولى لشبهة كقوله: أخذت مالي المرهون خفية وسميته سرقة (كزان) أقر بأنه زنى (وشارب) أقر بأنه شرب خمراً (ومحارب) أقر بأنه قاطع الطريق، ثم رجعوا عن إقرارهم فيقبل (إلا في المال) فلا يقبل رجوعه بل يغرم.

(وإن شهد) على السارق -حراً أو عبداً- بالسرقة (رجل) واحد (أو) شهد (امرأتان، وحلف) المدعي مع الرجل أو مع المرأتين (أوهما) أو شهد رجل وامرأتان ولا يحتاج ليمين المدعي (فالغرم) للمسروق (بلا قطع) في الفروع الثلاثة (كأن رد المتهم اليمين): حيث حقق المدعي الدعوة فلما ردها على المدعي (فحلفها الطالب): فالغرم على المدعى عليه بدون قطع، فلو لم يحقق الطالب الدعوى بل اتهم المدعى عليه فبمجرد نكوله يغرم بدون حلف الطالب، ولا قطع أيضاً.

وإن أقر سيد على عبده بسرقة شيء من شخص فالغرم للمال يلزم السيد للمقر له بدون يمين من المقر له.

(وإن أقر رقيق) بسرقة نصاب (فالعكس): أي القطع بدون غرم؛ لأن إقراره لا يفيد بالنظر للمال؛ لأن الغرم في الحقيقة على سيده.

(ووجب) على السارق (الغرم) للمسروق فيرده بعينه إن بقي أو قيمة المقوم ومثل المثلي إن فات (إن لم يقطع) لمانع

ــ

في تفصيله والحق أنه مثله.

قوله: [وهو المنصوص]: أي أن القول بعدم القطع منصوص والقول بالقطع غير منصوص، بل هو مخرج للخمي على السرقة من الشجرة التي في الدار.

قوله: [وعلق على الشجر]: أي والحال أنه بالبستان، وأما في الدار فيقطع.

قوله: [فثالث الأقوال] إلخ: هذا الاختلاف محله إذا لم يكن حارس وإلا فلا خلاف في قطع سارقه.

قوله: [وإلا بأن أكره]: اعلم أن القطع يسقط بالإكراه مطلقاً ولو كان بضرب أو سجن؛ لأنه شبهة تدرأ الحد.

قوله: [فلا يجوز ولو بالقتل] إلخ: أي كما صرح به ابن رشد وحكى عليه الإجماع، ونقل ذلك (ح) في باب الطلاق خلافاً لما ذكره (عب) هنا من جواز القدوم عليها بخوف القتل كذا في (بن) والمناسب تأخير هذه الجملة بعد جواب الشرط.

قوله: [وبه الحكم إن ثبت] إلخ: أي به القضاء كما في معين الحكام ومتن التحفة لابن عاصم ونسبه فيها لمالك حيث قال:

وإن يكن مطالباً من يتهم ... فمالك بالسجن والضرب حكم

وحكموا بصحة الإقرار ... من ذاعر يحبس لاختيار

والذاعر بالذال المعجمة الخائف وبالمهملة المفسد، وبالزاي الشرس واعتمد (عب) ما لسحنون وحمل ما في المدونة على غير المتهم على أنه وقع فيها محلان: أحدهما صريح في عدم العمل بإقرار المكره، ثانيهما حلف المتهم وتهديده وسجنه، وبهذا علم أن ما لسحنون موافق للمدونة على أحد التأويلين.

قوله: [بخلاف سرقت]: إلخ أي فلا قطع ولا غرم حيث رجع.

قوله: [ولو كان رجوعه بلا شبهة]: أي كما في المدونة.

قوله: [إلا في المال]: أشار بهذا إلى أن رجوع السارق وقاطع الطريق إنما يقبل بالنسبة لحق الله فينتفي الحد عنه الذي هو حق له لا بالنسبة لغرم المال الذي هو حق لآدمي.

قوله: [بلا قطع في الفروع الثلاثة]: أي لأن القطع لا يثبت إلا بشهادة عدلين من الذكور.

قوله: [كأن رد المتهم اليمين]: تشبيه في الفروع الثلاثة قبله.

قوله: [ولا قطع أيضاً]: هذا فرع خامس.

قوله: [فالغرم للمال يلزم السيد]: أي ولا قطع للعبد وهو فرع سادس.

قوله: [أي القطع بدون غرم]: أي للعبد.

وقوله: [لأن إقراره لا يفيد]: تعليل لعدم الغرم.

قوله: [فيرده بعينه إن بقي]: أي إجماعاً وليس للسارق أن يتمسك به ويدفع له غيره.

قوله: [أو قيمة المقوم]: مثله المثلي المجهول القدر أو المعدوم المثل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (ولا).

<<  <  ج: ص:  >  >>