للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو شهد فلان بخلاف شهادتهما؛ كأن شهدا على الرائحة فشهد غيرهما على أنها ليست رائحة خمر فلا تعتبر المخالفة؛ لأن المثبت يقدم على النافي ولم يجعلوا المخالفة شبهة تدرأ الحد.

(وجاز): أي انتفت حرمته فيصدق [١] بوجوب الشرب (لإساغة غصة إن خاف) الهلاك منها (ولم يجد غيره): أي المسكر فله شربه على الراجح. ولا يجوز استعمال الخمر لدواء ولو خاف الموت؛ لأنه لا شفاء فيه ولا لعطش بل لحرارته يزيد، ولو طلاء في ظاهر الجسد.

(والحدود كلها): كالزنا والقذف والشرب تكون (بسوط) من جلد (لين بلا رأسين) بل برأس واحد، فلا يكون بقضيب ولا شراك ولا درة. وما كانت لسيدنا عمر فهي للتأديب لا للحد.

(وضرب) عطف على سوط (متوسط) لا خفيف ولا شديد حالة كون المحدود (قاعداً) فلا يمد على ظهره أو بطنه (بلا ربط) على نحو جذع (إلا لعذر): ككونه لا يستقر أو يضطرب اضطراباً شديداً بحيث لا يقع الضرب موقعه فيربط. (ولا شديد): أي وبلا ربط يد أو رجل إلا لعذر أيضاً ولو أخر قوله إلا لعذر لكان أولى.

(بظهره وكتفيه): أي إن الجلد على الظهر والكتفين لا غيرهما من البدن. وشرط الضارب أن يكون عدلاً.

(وجرد الرجل من) كل شيء عليه في جميع بدنه (ما سوى العورة) ما بين السرة والركبة.

(والمرأة) تجرد (مما يقي الضرب): أي ألمه.

(وندب): لأجل الستر عليها فيما يخرج منها (جعلها) حال الضرب (في كقفة بتراب) مبلول ويوالي الضرب إلا لخوف هلاك فيفرق.

(وعزر الحاكم): باجتهاده -لاختلاف الناس في أقوالهم، وأفعالهم وذواتهم (لمعصية الله) تعالى: وهي ما ليس لأحد إسقاطها؛ كأكل في نهار رمضان وتأخير صلاة.

(أو لحق آدمي): وهو ما له إسقاطه كسبٍّ وضرب وكل حق لمخلوق؛ فله فيه حق.

وليس لغير الحاكم تأديب إلا للسيد في رقيقه والزوج في زوجته أو ولد في والده [٢] غير البالغ أو معلم، ولا يجوز لحاكم أو غيره لعن ولا سب للمؤدب أو لوالديه أو ضرب على وجه أو شين عضو. ويكون التعزير: (حبساً) مدة ينزجر بها بحسب حاله (ولوماً) ينزجر به؛ كتوبيخ بكلام. وهما منصوبان على الظرفية، وقيل بنزع الخافض، بدليل قوله: (وبالقيام من المجلس وبنزع العمامة) من فوق رأسه (وضرباً بسوط

ــ

كان فاسقاً، وإن تاب وحد لا تقبل شهادته فيما حد فيه. وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه لا يعرف رائحتها إلا من شربها، بل قد يعرف رائحتها من لم يكن شربها قط كمن رآها مراقة أو رأى إنساناً يشربها مع علمه بها وغير ذلك.

قوله: [ولو شهد فلان]: أي ولو خالفهما غيرهما من العدول بأن قال عدلان آخران شرب خلاً مثلاً.

قوله: [ولو خاف الموت]: أي فإن وقع ونزل وتداوى به شرباً حد. ابن العربي تردد علماؤنا في دواء فيه خمر والصحيح المنع والحد انتهى وما ذكره من الحد إذا سكر بالفعل وإلا لم يحد ولا يرد. قولهم ما يسكر جنسه وإن لم يسكر بالفعل لأن كلامهم في غير المخلوط بدواء.

قوله: [ولا لعطش]: مثله الجوع فلا يجوز شربه لخوف الموت من جوع أو عطش، لأنهما لا يزولان به لما في طبعه من الحرارة والهضم.

قوله: [ولو طلاء في ظاهر الجسد]: مبالغة في حرمة التداوي وحقه التقديم على قوله "ولا لعطش". لكن قال (عب): محل منع الطلاء به منفرداً أو مختلطاً بدواء ما لم يخف الموت بتركه وإلا جاز.

قوله: [كالزنا] إلخ: الأوضح أن يقول كانت لزنا أو لقذف أو لشرب.

قوله: [فلا يكون بقضيب]: أي وهو المسمى بالنبوت.

وقوله: [ولا شراك]: هو السير الرفيع من الجلد.

وقوله: [ولا درة]: هي سوط رفيع مجدول من الجلد فإن وقع وضرب في الحد بقضيب أو شراك أو درة لم يكف وأعيد.

قوله: [وما كانت لسيدنا عمر] إلخ: "ما" واقعة على درة أي والدرة التي كانت لسيدنا عمر إنما كانت للتأديب لا للحد وهو جواب عن سؤال مقدر، وكانت من جلد مركب بعضه فوق بعض.

قوله: [لا غيرهما من البدن]: أي فلو جلد على أليتيه أو رجليه لم يكف والحد باق يعاد ثانياً فإن تعذر الجلد بظهره وكتفيه لمرض ونحوه أخر، فإن أمكن فعله شيئاً فشيئاً فعل، وأما التأديب فموكول محله للإمام.

قوله: [وجرد الرجل] إلخ: فإن لم يجرد الرجل مطلقاً ولا المرأة مما يقي الضرب فانظر هل يجتزئ بذلك إن تألم منه كما يتألم المجرد أو قريباً منه وهو الظاهر كما قاله الأشياخ.

قوله: [وتأخير صلاة]: أي عن وقتها ولو اختيارياً.

قوله: [وكل حق لمخلوق]: المناسب وإلا فكل حق إلخ فتدبر.

قوله: [والزوج في زوجته]: ظاهره ولو بالغة رشيدة وكذلك قوله "أو معلماً".

وقوله: [غير البالغ]: ظاهره أن الولد [٣] ليس له تعزير البالغ ولو كان سفيهاً وهذا ظاهر إن وجد الحاكم العدل.

قوله: [وهما منصوبان على الظرفية]: لا يظهر ذلك لأن الحبس واللوم مصدران، فالأولى جعلهما خبرين ليكون كما حل به أولاً وأيضاً ظرف المكان لا يكون مختصاً فلا يقال جلست الحبس ولا الدار.

قوله: [وبالقيام من المجلس]: يحتمل أن المراد إيقافه بأن يأمره الحاكم بوقوفه على قدميه ثم يقعده ويحتمل أن المراد أمره بالذهاب من المجلس.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فيصد).
[٢] قوله: (ولد في والده) في ط المعارف: (والد في ولده)، ولعلها الصواب.
[٣] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (الوالد).

<<  <  ج: ص:  >  >>