للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيره) كقضيب ودرة وصفع بالقفا، وقد يكون بالنفي؛ كالمزورين، وبإخراج من الحارة؛ كمؤذي الجار، وبالتصدق عليه بما غش به.

(وإن زاد) التعزير (على الحد) بالجلد كأن زاد عن [١] مائة (أو أتى على النفس): بأن نشأ عنه موت، فلا إثم ولا دية (إن ظن السلامة) من فعله. وإنما قصد التشديد لما صدر منه كسب الصحابة (وإلا) يظن السلامة، فإن شك منع و (ضمن) ما سرى على نفس أو عضو: أي ضمن الدية على العاقلة وهو كواحد منهم فإن ظن عدم السلامة فالقود: فتحصل أنه إن ظن السلامة فخاب ظنه وسرى لموت أو عضو فهدر، وإن ظن عدمها فالقصاص، وإن شك فالدية على العاقلة. هذا هو الراجح. ويعلم ظن السلامة أو الشك من إقرار الحاكم ونحوه وقرائن الأحوال (كتأجيج نار بريح عاصف): أي شديد فأحرقت مالاً فيضمنه في ماله أو نفساً، فالدية على عاقلته ما لم يكن بمكان بعيد لا يظن فيه الوصول إلى المحروق عادة فلا ضمان.

(وكسقوط جدار) على شيء من مال أو نفس فأتلفه، فيضمن المال في ماله والدية على العاقلة، بشروط ثلاثة أشار لها بقوله:

(مال): بعد أن كان مستقيماً (وأنذر صاحبه) بأن قيل له: أصلح جدارك ويشهد عليه بالإنذار، ويكفي عند جماعة المسلمين ولو مع وجود حاكم، وهذا إن لم يظهر ميلانه، وإلا فلا يحتاج للإنذار، كما لو بناه من الأصل مائلاً واحترز عن "غير صاحبه" كمستأجر ومستعير فلا شيء عليهم ولو أنذروا (وأمكن تداركه): أي إصلاحه قبل السقوط؛ ولم يصلحه حتى سقط، فيضمن. لا إن لم يمكن تداركه بأن سقط قبل زمن يمكنه الإصلاح فلا ضمان عليه. وقد علمت أن الشروط حيث لم يظهر لصاحبه ميلانه ولم يبنه من الأصل مائلاً.

(أو عضه) شخص (فسل) المعضوض (يده) عن فم العاض (فقلع) المعضوض (أسنانه): أي العاض (قصد [٢]) لقلع أسنانه، فيضمن دية الأسنان في ماله فإن لم يقصد ولم يمكن تخليص يده إلا بقلع أسنانه فلا ضمان عليه، وهو محمل قوله صلى الله عليه وسلم لما عض رجل آخر فنزع يده فقلع سنه: «أيعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل؟ لا دية له».

(أو نظر له من كوة) طاقة أو غيرها كباب (فقصد عينه): بأن رماه بحجر قاصداً قلع عينه فقلعها أو أذهب بصرها فيقتص منه.

(وإلا) يقصد قلع عينه بأن قصد الزجر (فلا) قصاص بل الدية على العاقلة على الراجح. والأحاديث الواردة برمي الناظر من كوة خرجت مخرج الزجر أو منسوخة

ــ

قوله: [وغيره]: أي بخلاف الحد فإنه لا يكون إلا بالسوط.

قوله: [وبإخراج من الحارة]: أي وببيع ملكه.

قوله: [وبالتصدق عليه بما غش]: أي وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز إجماعاً، وما روي عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من جواز التعزير للسلطان بأخذ المال فمعناه كما قال البرادعي من أئمة الحنفية أن يمسك المال عنده مدة لينزجر ثم يعيده إليه لا أنه يأخذ لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة، إذ لا يجوز أخذ مال مسلم بغير سبب شرعي وفي نظم العمليات:

ولم تجز عقوبة بالمال ... أو فيه عن قول من الأقوال

قوله: [بشروط ثلاثة]: ما ذكره المصنف من ضمان صاحبه بالشروط المذكورة هو مذهب المدونة. وقيل لا يضمن صاحب الجدار إلا إذا قضى عليه الحاكم بالهدم فلم يفعل وهذا قول عبد الملك وابن وهب، وقيل إن بلغ حداً كان يجب عليه هدمه لشدة ميلانه فتركه فهو ضامن وإن لم يكن، إشهاد ولا حكم وهو قول أشهب وسحنون.

قوله: [وأنذر صاحبه]: المراد به مالكه المكلف أو وكيله الخاص أو العام الذي هو الحاكم إذا كان رب الجدار غائباً ولم يكن له وكيل خاص، ومن الوكيل الخاص ناظر الوقف ووصي الصغير والمجنون، فإذا سقط الجدار مع وجود الشروط الثلاثة ضمن وصي غير المكلف في ماله، ولو كان لغير المكلف مال وضمن ناظر وقف ووكيل خاص مع غيبة صاحبه حيث كان له مال يصلح منه لتقصيرهما، فإن لم يكن له مال وأمكنهما التسلف على ذمته وهو مليء وتركا حتى سقط ضمنا فيما يظهر أفاده (عب).

قوله: [فيضمن دية الأسنان]: إنما لم يقتص منه لتعدي العاض في الابتداء.

قوله: [لما عض رجل آخر]: أي حين عض رجل رجلاً آخر.

وقوله: «أيعض أحدكم أخاه»؟ : الاستفهام للتوبيخ.

وقوله: «كما يعض الفحل»: المراد فحل الإبل وإنما سقطت الدية عن المعضوض لأن الظالم أحق بالحمل عليه.

قوله: [فقصد عينه]: أي قصد المنظور إليه رمي عين الناظر لقلعها.

قوله: [على الراجح]: أي خلافاً لبهرام والتتائي أي حيث قالا بلزوم الدية إن قصد بالرمي فقء عينه، وإن قصد به الزجر فلا شيء عليه وعلى الراجح إن ادعى المرمي أن الرامي قصد عينه وادعى الرامي عدم قصدها ولا بينة ولا قرينة فإنه يعمل بدعوى الرامي لأن القصد لا يعلم إلا منه، ولأنه لا قصاص بالشك ومقتضى القياس على مسألة العض ترجيح كلام بهرام والتتائي، وقد يفرق للراجح بأن التعدي بالعض أعظم من التعدي في النظر تأمل.

قوله: [والأحاديث الواردة]


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (على).
[٢] في ط المعارف: (قصداً)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>