وكل الناس مدفوع إليه ... كما دفع الجبان إلى الثبات
نروع ما نروع ثم نرمي ... بسهم من يد المقدورات!
فقد سرد أمير الشعراء قضايا عدة دون تأكيدها، على الرغم من أنها ليست مسلمًا بها من جميع الناس، ولكن لما كانت أدلة صحتها كثيرة، لو تأملها الجميع لآمنوا بها، ساقها مساق الأمور المسلمة لا اعتراض لأحد عليها.
ومن هذا القبيل قول أبي الطبيب يمدح سيف الدولة:
رأيتك محض الحلم في محض قدرة ... ولو شئت كان الحلم منك المهندا
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا؟
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر، كوضع السيف في موضع الندى
ولكن تفوق الناس رأيًا وحكمة ... كما فقتهم حالًا، ونفسًا، ومحتدًا
فقد ساق أبو الطيب قضايا غير مسلم بها، ولكنه لم يؤكدها لعدم اهتمامه بإنكار المنكرين لتلك القضايا مع أن هذه القضايا ما هو من الأمور الخطيرة، فقد جعل سيف الدولة، يفوق الناس جميعًا في رأيه، وحكمته، بل وفي حاله، ونفسه ومحتده!