المال من أيدي الأعداء بقوة السلاح ثم اهتزازه للندى وبذله ما أستلبه من المال لذوي الحاجات والمعوزين.
وقد استعار الإحياء لجمع المال وانتزاعه من يد الأعداء، واستعار القتل لبذلته وإنفاقه على المعوزين والمسند - في الموضعين - مستعمل "في غير معناه الحقيقي، ثم أسند الإحياء إلى الصوارم والقنا، وأسند القتل إلى التبسم والجدا، على سبيل المجاز العقلي، إسنادًا للفعل إلى سببه.
وقد نبه عبد القاهر إلى أنه ليس كل شيء يصلح لأن تتعاطى فيه المجاز العقلي بسهولة، بل إنك لتجد نفسك - في كثير من الأمر - محتاجًا إلى أن تهيئ لذلك بشيء تتوخاه في نظم الكلام.
ثم ألمح إلى مقصوده بذكر مثال لتلك الصورة الرابعة من صور المجاز العقلي، فقال، وإن أردت مثالًا في ذلك، فانظر إلى قوله:
تناس طلاب العامرية إذا فات ... بأسجح مر قال الضحى قلق الضفر
إذا ما أحسته الأفاعي تحيزت ... شواة الأفاعي من مثلة سمر
تجوب له الظلماء عين، كأنها ... زجاجة شرب؛ غير ملآي ولا صفر".
الأسجح من الإبل هو الرقيق المشفر، ومر قال الضحى: المسرع للسير فيه، وهو وقت الحر. والضفر: الحزام؛ وقلقه يكون من الضمور، وتحوز عنه: تنحى، وتحوزت الحية: تقلبت، والشواة، الجلوه، والمثلمة السمر: هي الأخفاف؛ وثلبها يكون من السير على الحجارة؛ أي إذا مشى ليلًا والأفاعي خارجة من جحورها، وأحست به: انقبضت جلودها عن طريق خوفًا من أخفافها، وجاب المغازة: قطعها، وجاب الشيء خرقه؛ والشرب: جماعة الشاربين، والصغر: الخالية.