ومنها: ما لا يمكنك أن ترجع بالفعل فيه إلى فاعله الحقيقي؛ وذلك كما في قولهم: أقدمني بلدك حق لي على فلان؛ فالإقدام - هنا - مسند إلى الحق؛ والحق ليس فاعلًا حقيقيًا للإقدام وإنما هو سبب فيه؛ فهو مجاز عقلي علاقته السببية، ولكنه لا يمكنك أن ترجع بالفعل فيه إلى فاعله الحقيقي لأنهم لم يتعودوا الإسناد الحقيقي لهذا التركيب.
وكذلك قول الشاعر:
وصيرني هواك وبي ... - لحيني - يضرب المثل
يقول إن هواك صيرني مثلًا يضرب الهلاك المحب، فأسند صير إلى هواك، والهوى لم يصيره، وإنما هو سبب فقط، فهو مجاز عقلي علاقته السببية، ولكنه لا يمكنك أن ترجع بالفعل فيه إلى فاعله الحقيقي، لأنهم لم يتعودوا الإسناد الحقيقي لهذا التركيب - أيضًا - وهكذا الشأن في قول أبي نواس:
يزيدك وجهه حسنًا ... إذا ما زدته نظرًا
يقول: إنك كلما ازددت نظرًا إلى وجهه، تكشفت لك روائع حسنه، فأسند الزيادة إلى الوجه، وهو ليس فاعلًا حقيقيًا للزيادة، ولكنهم لم يتعودوا الرجوع بهذا الإسناد إلى حقيقته.
ولهذا قال عبد القاهر:"واعلم أنه ليس بواجب في هذا أن يكون للفعل فاعل في التقدير إن أنت نقلت الفعل إليه عدت به إلى الحقيقة، مثل أن تقول في: "فما ربحت تجارتهم" ربحوا في تجارتهم وفي: "يحمي نساءنا ضرب": نحمي نساءنا بضرب، فإن ذلك لا يتأتى في كل شيء، ألا ترى أنه لا يمكنك أن تثبت الفعل - في قولك: "أقدمني بلدك حق لي على إنسان" فاعلًا سوى الحق؟ وكذلك لا تستطيع في قوله: