أن تزهم أن لصيرني فاعلًا قد نقل عنه فجعل الهوى، كما فعل ذلك في "ربحت تجارتهم" و"يحمي نساءنا ضرب"؟ ولا تستطيع كذلك أن تقدر ليزيد في قوله:"يزيدك وجهه: فاعلًا غير الوجه"(١).
ولكن الخطيب القزويني قد ذهب إلى أن الفعل في المجاز العقلي يجب أن يكون له فاعل في التقدير إذا أسند الفعل إليه يكون الإسناد حقيقة، غير أنه تارة يكون ظاهرًا، يدرك بأدنى تأمل كما في قول الله تعالى:{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ}، أي: فما ربحوا في تجارتهم، وتارة يكون خفيًا، لا يظهر إلا بعد نظر وتأمل، كما في (سرتني رؤيتك)، أي سرني الله عند رؤيتك، وقوله:
يزيدك وجهه حسنًا ... إذا ما زدته نظرًا
أي: يزيدك الله حسنًا في وجهه، لما أودعه من دقائق الحسن والجمال.
وكأن الخطيب - برأيه هذا - يعرض بالشيخ عبد القاهر، ويرد عليه فيما أسلفنا له من رأى في هذا الموضوع.
وقبل الخطيب القزويني لخص الإمام فخر الدين الرازي - رحمه الله - في نهاية الإيجاز، كتابي عبد القاهر: دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، واعترض على رأيه هذا، بأن الفعل لابد أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل. فهو إن كان ما أسند إليه الفعل فلا مجاز، وإلا فيمكن تقديره.