للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم جاء أبو يعقوب السكاكي فزهم أن اعتراض الرازي حق، وأن فاعلي هذه الأفعال هو الله تعالى، وأن الشيخ عبد القاهر لم يعرف حقيقتها لخفائها، فتتبعه الخطيب القزويني على هذا الرأي؛ يقول العلاقة سعد الدين التفتازاني في مختصره: "وفي ظني أن هذا تكلف وأن الحق ما ذكره الشيخ" (١).

وقد تابع الدكتور محمد أبو موسى رأي العلامة سعد الدين التفتازاني في هذا الموضوغ وحمل على الإمام الرازي حملة شعراء لأن كثيرًا من الشراح قد انصرفوا عن رأي عبد القاهر وشايعوا الرازي والسكاكي فيما ذهبا إليه ودافع عن الشيخ دفاعًا مخلصًا، يتخلص فيما يلي:

أولًا: أن القول بأن الفعل لابد له من فاعل كلام لا ينقضه من له عقل، ولكنه لا يرد على عبد القاهر لأن عبد القاهر لم يتعرض لهذه القضية، وإنما يقول: إن هناك تراكيب جرت في لسانهم على أسلوب المجاز في الإسناد ولم يعهدها لسانهم جارية على أسلوب الحقيقة، وهو لا يدعى أن هناك أفعالًا تصدر من غير فاعل.

ثانيًا: أن عبد القاهر لا ينكر عن ناحية العقل تلك التقديرات التي ذهب إليها السكاكي في هذه الصور التي قال عنها عبد القاهر: "إنه لا يمكنك أن تثبت للفعل فيها فاعلًا سوى المذكور" من مثل قوله: أقدمتني نفسي لأجل حق على فلان، وصبرني الله بسبب هواك، ويزيدك الله حسنًا في وجهه، وإنما ينكر أن تكون هذه الاستعمالات متعارفة، وأنها مما جرى بها لسانهم.

ثالثًا: أن هذه التأويلات تكلف وتطلب لما لا يقصد في الاستعمال، ولا يتعلق به الغرض من التركيب - كما أشار البنائي -.


(١) ... مختصر العلامة سعد الدين التفتازاني (شرح التلخيص) جـ ١ ص ٢٦٣.

<<  <   >  >>