للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أن صريح كلام عبد القاهر يفيد أنه لا يمكنك أن تثبت للفعل في هذه الأفعال، أو أن تزعم أن لها فاعلًا قد نقل عنه للفعل.

وأما القول بأن عبد القاهر يقول: إن هناك تراكيب جرت على لسانهم على أسلوب المجاز في الإسناد، ولم يعهدها لسانهم جارية على أسلوب الحقيقة، فإن هذا القول إنما هو تفسير - فقط - لكلام عبد القاهر، وليس صريح كلامه.

على أن القول أن عبد القاهر لا ينكر - من ناحية العقل - تلك التقديرات التي ذهب إليها السكاكي، وإنما ينكر أن تكون هذه الاستعمالات متعارفة، وأنها مما جرى بها لسانهم فكلام لم يقم عليه دليل، لأن عبد القاهر نفسه لم يقدرها، حتى ولو من باب ذكرها للتنبيه على عدم جدواها.

ولو كانت تلك التقديرات ممكنة - في أريه - لكان عليه أن يقول: ويمكن أن تقدر لكل فاعل من هذه الأفعال فاعلًا حقيقيًا، ولكن العرب العربي لم يجر بذلك.

وأما أن هذه التأويلات: تكلف، وتطلب لما لا يقصد في الاستعمال، ولا يتعلق به الغرض من التركيب فهو حق فوافقه عليه، ولهذا فإننا نؤيد عبد القاهر - في رأيه - من هذه الناحية.

* * *

أسلفنا لك أن عبد القاهر الجرجاني قد أشاد بالمجاز العقلي، ورأى أنه كنز من كنوز البلاغة وأنه قد فرق بينه وبين المجاز اللغوي بأن المجاز فيه إنما هو في الإثبات لا في المثبت وأنه - وهو يكتب الدلائل - لاحظ أن التجوز فيه إنما هو في حكم يجري على الكلمة فقط، فسماه المجاز الحكمي.

<<  <   >  >>