للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دار لمروة إذا أهلي وأهلهم ... بالكانسية ترعى اللهو والغزلا

والجفن، القراب، والصيقل: السيف المصقول، والخلل بالكسر: واحدها: خلة، وهي تطلق على جفن السيف المغطى بالجلد، وتطلق على بطانة يغشى لها متن السيف، وهي المرادة هنا.

فالشاعر قد استأنف كلا ما جديدًا في البيت الثاني عن تلك الديار التي لم يبق منها إلا رسمها ليبين مدى تعلق قلبه بها فهي دار محبوبته مروة، وقد كان أهله، وأهلها هناك بالكافية يتجاوزان تجاورًا هيأ لهما أسباب اللقاء، ومتعة الحياة والصبا.

قال عبد القاهر: كما يضمرون المبتدأ فيرفعون، فقد يضمرون الفعل فينصبون كبيت الكتاب أيضًا - وهو لذي الرمه غيلان بن عقبه -:

ديارمية، إذ مي تساعفنا ... ولا يرى مثلها عجم ولا عرب

أنشده بنصب "ديار" على إضمار فعل كأنه قال: أذكر ديارمية.

ومن حذفهم المبتدأ لاستئنافهم ذكر الديار والمنازل قول امرئ القيس:

ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن إلا سعيد، مخلد ... قليل الهموم، ما بينت بأوجال

وهل يعمن من كان أحدث عهده ... ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال

ديار لسلمى عافيات بذي الخال ... ألح عليها كل أسحم هطال

فالشاعر قد حيا الطلل البالي الذي له في قلبه ذكريات قديمة تعلق بها قلبه وامتلأ بها وجدانه بقوله: ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي، ولكنه استبعد أن ينعم هذا الطلل بعد أن رحل عنه أهله، وأصبح في حالة تدعو إلى الشجن والحزن، ثم استأنف الحديث عن هذا الطلل فذكر أنه ديار محبوبته سلمى بذي خال وأنه توالت عليه أمطار غزيرة أزللت معالمه، وقد بني أسلوبه في هذا الاستئناف على حذف المسند إليه.

<<  <   >  >>