للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غلام رماه الله بالخير مقبلًا ... له سيمياء لا تشق على البصر

كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي أنفه الشعري، وفي وجهه القمر

وإذا قبلت العوراء أغفى؛ كأنه ... ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر

فالشاعر يثني على عملية الفزاري؛ فيذكر بأنه قد شكي إليه حاله فواساه؛ ورأى موقفًا من مواقف المجد؛ فأبي إلا أن يكون ماجدًا فتردى ثياب المجد، وأتزر بها.

وأراد أن يستأنف الحديث عنه بذكر أوصاف المجد التي أتسم بها - وكانت زوجته قد قالت له - كما أسلفنا لك: -

لقد غرك غلام - استأنف الحديث عنه فقال غلام رماه الله بالخير؛ أي هو غلام؛ لأن ذكره حينئذ يكون من العبث لدلالة القرائن عليه.

ومنه ما قال موسى بن جابر العنبري - مفتخرًا بخاليه: -

إذا ذكر ابنا العنبرية لم يضق ... ذراعي وألقى باسته من أفاخر

هلالان حمالات في كل شتوة ... من الثقل ما لا تستطيع الأباعر

وابنا العنبرية خالا موسى، والعنبرية أمهما، والعنبر هو: أبو عمرو؛ أبو حي من تميم؛ وأراد بقوله: لم يضق ذراعي: أنه لم يعجز، وقوله: ألقى باسته تقبيح للتولي والأدبار، والشتوة: الجدب أي: هما في الاشتهار كالهلالين ويحملان من المغارم ما لا تستطيع حمله الإبل.

لما استأنف الحديث عن ابني العنبرية ليذكر أحوالهما في بناء المكرمات لم يشأ أن يعيد ذكرهما لأن الحديث عنهما. والفخر بهما؛ فلو قال: هما هلالان، فذكر ضميرهما، لمكان ذلك عبثًا ينبغي أن يتبرأ عنه الشاعر.

<<  <   >  >>