للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالتعظيم والإهانة - في العبارتين - لغير المسند إليه - كما ترى.

وذلك كقولك - إذا أردت تفاؤلا -: "أتاكم سرور" و"جاءكم بشرى".

وكقولك - إذا أردت تطيرا -: "أتاكم حرب" وجاءتكم "البسوس".

وقد تقصد التبرك بذكر اسمه أو التلذذ به، وذلك إذا كان المسند إليه مما يتبرك بذكر اسمه أو مما يتلذذ به.

فإذا ما أردت التبرك بذكر اسمه قلت: "الله قصدي" و"محمد سندي".

وإذا ما أردت التلذذ بذكر اسمه قلت - على لسان قيس بن الملوح -:

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاي منكن أم ليلى من البشر؟ !

والشاهد قوله: "أم ليلى من البشر"، وكان سياق الحديث أن يقول: أم هي من البشر، بالضمير لأنه قد تقدم مرجعه، ولكنه أراد أن يتلذذ بذكر اسم محبوبته، فأتى بالمسند إليه علماً لهذا الغرض.

ومما يؤيد ذلك: أن الشعراء قد يوردون ذكر الأعلام تلذذاً بذكرها، كما في قول أبي الطيب المتنبي، يمدح عضد الدولة أبا شجاع فناخسروا (١).

وقد رأيت الملوك قاطبة ... وسرت حتى رأيت مولاها

ومن مناياهم براحته ... يأمرهم فيها، وينهاها

أبا شجاع، بفارس، عضد ... الدولة فناخسروا شهنشاها

أسامياً لم تزده معرفة ... وإنما لذة ذكرناها!


(١))) ديوان أبي الطيب جـ ٤ صـ ٢٧٤، ٢٧٥

<<  <   >  >>