للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن قال:

وللأحبة أيام تذكرها ... وللنوى قبل يوم البين تأويل

فعد عنها، ولا تشغلك عن عمل ... إن الصبابة بعد الشيب تضليل

فالشاعر يخاطب نفسه قائلا: هل ستصل حبل ودك بصاحبتك خولة بعد انقطاعه؟ أن بعد الدار، وانشغالك بأمور الحياة سوف يلهيانك عنها، وينسيانك ذكراها؟

لقد أقامت خويلة بالكوفة داراً نائية المزار، مجاورة فيها أهل المدائن، وما دامت قد اتخذت من الكوفة محل إقامة، ودار هجرة، فلابد أنها قد أنهت ما بينكما من علاقة، وأودت بما كان بينكما من الود، فعليك أن تنساها، وألا تشغل نفسك بها، فقد مضى زمن الصبا، وأدركك المشيب، ومن الضلالة ذكر الصبابة في زمن المشيب!

والشاهد في الأبيات قوله: "إن التي ضربت بيتاً مهاجرة .. " ففي هذه الصلة إيماء إلى أن الخبر من نوع زوال المحبة، وانقطاع حبل المودة؛ لأنها لو كانت باقية على حبه لما هاجرت عنه، ولما بنت بيتاً في دار هجرتها لتقيم فيه إقامة دائمة.

ومع ما في الصلة من هذه الإشارة، فإن فيها دليلا على ثبوت الجفاء وتحققه، وإلا فكيف استساغت فراق "عبدة" واتخذت من ذلك البلد الثاني موطن إقامة دائمة؟ !

ولكن الدكتور محمد أبو موسى لم يرتض هذا القول؛ ولم يسلم بأن في هذا البيت إيماء إلى نوع الخبر وزعم أن الخطيب قال والمسند إليه في

<<  <   >  >>