للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البيت ليس فيه إيماء إلاوجه بناء الخبر عليه، بل لا يبعد أن يكون إيماء إلى بناء نقيضه عليه، بمعنى أن الحرمان من الحبيب أذكى لجذوة الحب إن كانت صادقة (١) وتابعه في هذا وهذا كلام - لعمري - صحيح، إذا كانت صاحبة الشاعر صادقة الود!

ولكنها ليست كذلك، لأنها آثرت البعد عن الشاعر، وفضلت الهجرة، والإقامة الدائمة الغائبة عنه.

ولهذا فإنه قد يئس من وصل ما انقطع من حبل المودة بينهما، فقال محاولا نسيانها، وطرد هواجس التذكار التي عاودت خاطره:

فعد عنها، ولا تشغلك عن عمل ... إن الصبابة بعد الشيب تضليل

ولست مع الدكتور محمد أبو موسى في أن الشاعر لم يكن صادق الحب حتى يكون شاهداً في هذا الباب.

وذلك لأن الشاعر لو لم يكن صادق الحب لما هاجر لمهاجرة صاحبته - كما يقول الطبري (٢) - ولما عاودته ذكراها في قصيدته هذه.

وأما أنه قد حاول نسيانها إذ قال: "فعد عنها ولا تشغلك عن عمل .. " فتلك محاولة منه لا نظن أنه قد أفلح فيها، فقد حاول المجنون نسيان ليلى - وهو امام المحبين - ولكنه لم يفلح في محاولته، إذ قال؟ :

فيارب: إذ صيرت ليلى هي المنى ... فزني بعينيها كما زنتها ليا

وإلا فبغضها إلي وأهلها ... فإني بليلى قد لقيت الدواهيا!


(١))) خصائص التراكيب ص ١٥٠، ١٥١
(٢))) المفضليات للضبي ص ١٣٥

<<  <   >  >>