للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لاحظت أن الشاعر قد أكد على أنهم (القوم)، أي الجديرون بإطلاق لفظ القوم عليهم، وكأن غيرهم من الأقوام ليسوا أهلاً لذلك، لأن الصفات التي ذكرها لهم قد ميزتهم عن غيرهم من الناس وجعلت منهم مثلاً عالياً في الفضائل والمفاخر.

ولهذا كان من المناسب إضافتهم إلى أبيهم، أصل هذه الفضائل والمفاخر كلها!

ومثله قول حسان بن ثابت يمدح الغساسنة قبل الإسلام:

لله در عصابة نادمتهم ... يوما يحلق في الزمان الأول

يمشون في الحلق المضاعف نسجه ... مشى الجمال إلى الجمال البزل

يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

جلق: دمشق، وبزل ناب البعير: شق، البريص: غوطة دمشق كثيرة الماء والشجر. بردى: نهر بسوريا. آل جفنة: ملوك من أهل اليمن كانوا قد استوطنوا الشام، وأراد بقوله: "حول قبر أبيهم" أنهم في مساكن آبائهم ورباعهم التي كانوا قد وروثوها عنهم.

فالشاعر يمدح الغساسنة الذين نادمهم قديماً، بأنهم شجعان بواسل، يسقون القادم إليهم من رحيق بردى العذب السلسبيل، وأنهم بها ليل كرام الأحساب، فيهم شمم وإباء. ثم قال: (أولاد جفنه).

<<  <   >  >>