والشاهد - هنا - قوله:(كأن رماحاً) فقد نكر المسند إليه لتعظيمه؛ أي: كأن رماحاً طويلة قوية متينة قد حملت فرسه لطول قوائمه وعلو متنه.
وأنظر إلى قول إبراهيم بن العباس الصولي - وقد كان عاملاً على الأهواز في وزارة محمد بن عبد الملك الزيات واعتقل وأوذى فظن أن هذا الوزير سوف يسامحه لصداقته قبل الوزارة:
فلو إذ نبادهر، وأنكر صاحب ... وسلط أعداء، وغاب نصير
تكون عن الأهواز دارى بنجوة ... ولكن مقادير جرت وأمور
وإني لأرجو بعد هذا محمدا ... لأفضل ما يرجى أخ ووزير
تجد أن الشاعر قد نكر الدهر؛ لأنه أراد به دهراً ذميماً، لا كذلك الدهر الذي عاشه أيام سعادته. ونكر الصاحب - أيضاً - لأنه أراد به صاحباً حقيراً لا يستحق صحبته، ولم يقل وأنكرت صاحباً، لأنه لا يريد أن يسند إليه نفسه نكران الصاحب، ونكر الأعداء: لتحقيرهم، وفي (سلط) دليل على أنهم مسلطون، وأنهم أدوات حقيرة في أيدي غيرهم، وبنى الفعل للمجهول: لأنه لا يريد ذكر من سلطهم إهمالاً له لحقارته؛ ونكر