النصير، لأنه يقصد نصيراً كان يأمله لمثل هذه المحنة؛ فهو النصير القوي الوفي وفي تنكيره (مقادير) و (أمور) ما يدل على أنها مقادير قوية لا يستطيع ردها، وأمور جسام لا يستطيع احتمالها.
فقد رأيت أن الشاعر قد جمع - في البيتين الأولين - بين التنكير التحقير، والتنكير التعظيم، والتنكير للنوعية.
ثم قرأ - إن شئت - قول السمو آل بن عادياء مفتخراً (١):
تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها: إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا ... شباب تسامي العلا وكهول
وما ضرنا أن قليل وجارنا ... عزيز؛ وجار الأكثرين ذليل
لنا جبل يحتله من نجيره ... منيع، يرد الطرف وهو كليل
رسا أصله تحت الثرى وسما به ... إلى النجم فرع لا ينال طويلا
تجد أن الشاعر قد نكر المسند إليه في قوله (شباب، وكهول) لأنه يريد شباباً عظيماً متطلعاً إلى المعالي، وكهولاً عظيمة سبقتهم إليها، وسنت لهم سبيلها، ومهدت لهم الطريق إليها.
ونكر المسند إليه - أيضاً - في قوله (لنا جبل) لأنه يقصد جبلاً هائلاً عظيماً يحمي من يجيره وفي قوله (فرع) لأنها أراد فرعاً طويلاً عظيماً، لا يناله من يحاول السمو إليه.