ومن كلام الفصحاء، وخطبهم وأمثالهم وحكمهم، إلى جانب ما أوردوه من آيات القرآن الكريم، فنجد "سر الصناعتين" لأبي هلال العسكري المتوفى سنة ٣٩٥ هـ.
و"العمدة في صناعة الشعر ونقده" لابن رشيق القيرواني المتوفى سنة ٤٦٣ هـ.
و"سر الفصاحة" لابن سنان الخفاجي المتوفى سنة ٤٦٦ هـ.
ولأن البحث البلاغي في هذه المرحلة الخصبة الغنية بتحليل النصوص الأدبية ونقدها قد تناوله الأدباء والشعراء من النقاد، فإن هذه المرحلة جديرة بأن تسمى "مرحلة البحث البلاغي في ظلال الأدب".
بيد أن هذه المرحلة من مراحل البحث في البلاغة، لم تصل إلى الدرجة التي يمكن أن يقال عنها إنها قد وفت النص الأدبي حقه، ذلك لأن البلاغة فيها قد طبقت في حدود ما توصل إليه البلاغيون آنئذ، ولم تكن البلاغة العربية قد اكتمل نظامها بعد، بل لم تكن قد تعمقت في الغوص إلى معاني النص الأدبي، واستخراج دررها الغالية من بحارها العميقة.
(٤)
وهنا يأتي عبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة ٤٧١ هـ بعقليته النادرة، وبصيرته الواعية، وأسلوبه الرشيق، فيتحف البلاغة العربية بكتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة"، متعمقاً في فهم فكرة النظم التي تلقفها من سابقيه، ويجعلها نظرية يدير عليها علم البلاغة الذي يقوم على المعاني المستوحاة من نظم الكلام وعلى الصورة المعبرة عما في نفس المتكلم، والموضحة لما يقصد إليه من أغراض، متضمناً قيماً جمالية نابعة