للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شواهد التركيب الأول قول إبراهيم بن كنيف النبهاني يعزي بعض قومه (١):

تعز فإن الصبر بالحر أحمل ... وليس على ريب الزمان معول

فلو كان يغني أن يرى المرء جازعاً ... لحادثة، أو كان يغني التذلل

لكان التعزي عند كل مصيبة ... ونائبة بالحر أولى وأجمل

فكيف وكل ليس يعدو حمامه ... وما لامرئ عما قضى الله مزحل؟ !

يقول: تصبر - يا أخي - فإن الصبر أجمل بالحر وأليق به، ولا تعول على أحداث الزمان، فلو كان الجزع عند الحوادث يغني، أو كان التخشع يجدي، لمكان الصبر أجدر بالحر وأولى، فكيف يجزع الإنسان وهو يعلم أن كل واحد من الناس لن يعدو حمامه؟ ! وما لامرئ تحول عما قضى الله؟ !

والشاهد في الأبيات قوله: (وكل ليس يعدو حمامه) حيث خرجت كل عن حيز النفي، فأفادت عموم النفي ومثله قول دعبل:

فو الله ما أدرى بأي سهامها ... رمتني، وكل عندنا ليس بالمكدي

أبا لجيد، أم مجرى الوشاح، وإنني ... لأنهم عينيها مع الفاحم الجعد

المكدي: الذي يحفر ولا يجد ماء، يريد أن كل سهامها لا يخطئ المرمى.

ومن البين في هذا: ما جاء - في حديث ذي اليدين - عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي،


(١) ديوان الحماسة لأبي تمام، ج ١، ص ٩٥.

<<  <   >  >>