للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن قوله: جذع البصيرة، خال من الضمير في (لم أصب) لأنه أقرب، ومعناه: لم ألف، من أصبت الشيء: الفيته ووجدته أي لم ألف بهذه الصفة، بل وجدت بخلافها، جذع الإقدام، قارح البصيرة، وليس معناه: لم أجرح، لأن ما قبله من الأبيات:

لا يركنن أحد إلى الإقدام ... يوم الوغى متخوفاً خمام

فلقد أراني الرماح دريته ... من عن يميني مرة وأمامي

حتى خضبت بما تحدر من دمي ... أكتاف سرجي أو عناق لجامي

يدل على أنه جرح، وتحدر منه الدم، ولأن فحوى كلامه دالة على أنه جرح ولم يمت إعلاناً بأن الإقدام ليس بعلة للحمام، وحث على ترك الفكر في العواقب، ورفض التحرز خوفاً من المعاطب.

ويرد سعد الدين التفتازاني على الخطيب بأن في قوله بحثاً، لأن قوله: "وقد أصبت) أي: جرحت، يصلح قرينة على أن (لم أصب) بمعنى: لم أجرح، وأما جعله بمعنى: (لم ألف) فلا قرينة عليه، مع ما فيه من قبو النظم، ودلالة الكلام على إثبات الجرح له لا ينافي ذلك، لأنه إذا جعل: _جذع البصيرة) حالاً من (لم أصب) صار المعنى: لم أجرح في هذه الحالة بل جرحت جذع الإقدام، قارح البصيرة.

على أنه لما جعله بمعنى، لم ألف، فالأنسب أن يجعل: جذع البصيرة مفعولاً ثانياً لا حالاً، لأنه أحسن تأدية المقصود.

وأخيراً يرى سعد الدين التفتازاني: أن القول الشافي في معنى بيت قطري، هو قول الإمام المرزوقي - رحمه الله - وهو: أن جذع البصيرة

<<  <   >  >>