للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حال من الضمير في (انصرفت) وجذع البصيرة: عبارة عن أنه على بصيرته التي كان عليها أولاً، لم يعرض لذاته قدم في الاقتحام، ولم يتطرق إليه تقاعد عن الإقدام، وقروح الإقدام: عبارة عن أنه قد طالت ممارسته للحروب؛ وذلك لأنه قال: "المعنى: ثم انصرفت وقد قلت ما أردت من الأعداء، ولم ينالوا ما أرادوا مني، وأنا على بصيرتي الأولى، لم يبد لي قدم في الاقتحام. ولا غلب على التطرق والانحراف، بل قد صار إقدامي في الحروب قارحاً، لطول ممارستي وتكرر مبارزتي (١) "

وقد عد الخطيب القزويني قول أبي تمام في وصف قلم محمد عبد الملك الزيات:

لعاب الأفاعي القاتلات لعابه ... وأرى الجنى اشتارته أبد عواسل

من باب القلب، حيث عكس التشبيه للمبالغة (٢).

وأرى الجنى: أي العسل المجنى، اشتارته: أي جنته والأيدي العواسل: العارقة بجنيه.

كان الأصل: أن يشبه مداد القلم بلعاب الأفاعي في قوة التأثير، ولكنه عكس فشبه لعاب الأفاعي بمداد قلمه على سبيل التشبيه للقلوب، المبالغة في شدة تأثيره.

ولكن حمل التشبيه - في بيت أبي تمام - على القلب مخالف لما يراه عبد القاهر فيه، إذ يقول في هذا البيت: إنك إن قدرت في قول أبي تمام:


(١) المطول ص ١٣٩.
(٢) الإيضاح ٤٧ وشروح التلخيص ١/ ٤٨٩.

<<  <   >  >>