للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيان ذلك: أنه لو قيل: (إني لغريب وقيار) لجاز أن يتوهم أن له مزية على قيار في التأثر بالغربة؛ لأن ثبوت الحكم أولاً أقوى؛ فقدمه ليتأتى الإخبار عنهما دفعة بحسب الظاهر؛ تنبيهاً على أن قياراً مع أنه ليس من ذوي العقول قد تساوى مع العقلاء في استحقاق الإخبار عنه بالاغتراب قصداً إلى التحسر (١).

وقال عمرو بن امرئ القيس الخزرجي (٢):

يا مال؛ والسيد المعمم قد ... يبطره بعد رأيه السرف

يا مال؛ والحق إن قنعت به ... فالحق فيه لأمرنا نصف

خالفت في الرأي كل ذي فجر ... والحق يا مال غير ما تصف

لا يرفع العبد فوق سنته ... والحق يوفى به ويعترف

إن بجيراً مولى لقومكم ... يا مال والحق عنده فقفوا

أوتيت فيه الوفاء معترفا ... بالحق فيه لكم فلا تكفوا\

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف.

وكان من خير هذه الأبيات: أنه كان لمالك بن العجلان مولى يقال له بجير؛ وكان قد جلس مع قوم من الأوس، ففضل مالكاً عليهم فقتلوه، فلما علم مالك بذلك طلب إليهم أن يعطوه القاتل ليقتص منه فأبوا، وطلبوا منه أن يأخذ فيه دية العبد فأبى إلا أن يأخذ فيه دية الحر فأبوا ورأوا في ذلك شططاً؛ فقامت الحرب بين الأوس والخزرج، ثم احتكموا إلى عمرو بن امرئ القيس الخزرجي، فقال هذا

الشعر (٣).


(١) المطول ص ١٤٠.
(٢) جمهرة أشعار العرب ٥٣٠ واللسان (فجر).
(٣) لسان العرب مادة (فجر).

<<  <   >  >>