للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالشاعر يقول هذا الشعر لمالك بن العجلان بعد أن ضاقت به الحيل في سبيل الوصول إلى رضا مالك بقبول دية العبد، ولهذا فإنه آثر الإيجاز.

والشاهد في هذه الأبيات قوله: (نحن بما عندنا رأفت بما عند راض) حيث حذف المسند إلى "نحن" وأصله: (نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راض) إيثاراً للإيجاز والاختصار لعدم تقبل المخاطب لرأيه، ولعدم رغبته في إطالة الحديث معه، يدلك على هذا: أنه لا ينطق باسمه كلاماً ولكنه يرخمه فيقول: بإمال، بدلاً من أن يقول: يا ملك.

وقد جاء ترخيم مالك - في قراءة علي وابن مسعود - رضي الله عنهما: "ونادوا يا مال، ليقض علينا ربك" لأن أهل النار يومئذ في ضيق شديد فهم يقتطعون بعض الاسم لضعفهم وعظم ما هم فيه (١).

وقال أبو الطيب المتقي من قصيدة يمدح بها شجاع بن محمد الطائي المنيجي (٢):

إن إلى سفكت دمى يجفونها ... لم تدر أن دمي الذي تتقلد.

قالت: - وقد رأت أصفر أرى - من به؟

وتنهدت؛ فأجبتها: المتنهد!

يعنى: إن الفتاة التي نظرت إلى فقتلتني بنظرتها، لم تدر أنها قد باءت بإثمي، وأن دمى في عنقها؛ ولما رأت تغير وجهي واصفراره قالت من قتل؟ أو من فعل به هذا الذي أراه؟ ثم تنهدت؛ فأجبتها عن سؤالها:

المتنهد المطالب به، أو الفاعل بي هذا.

والشاهد هنا: قوله: "المتنهد" حيث حذف منه المسند لضيق صدره


(١) ... الكشاف ٣/ ٤٩٦.
(٢) ... الأصمعيات ٢٤٤.

<<  <   >  >>