للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: تكرار الإسناد: وذلك أن إسناد الفعل المبني للمجهول إلى نائب الفاعل يوحي بأن له فاعلاً ينبغي أن يسند إليه، وهذا هو الإسناد الأول.

ولما كان "ضارع" فاعلاً لفعل مقدر تقديره: "يبكيه ضارع" فقد جاء الإسناد الثاني.

ولا ريب أن التركيب الذي اشتمل على إسنادين أقوى وأكد مما اشتمل على إسناد واحد.

ثانياً: التفصيل بعد الإجمال، وذلك لأنه لما قال "لبيك يزيد" فأسند الفعل إلى نائب الفاعل قد أبهم الفاعل، ولكنه لما قال "ضارع" وكان التقدير "يبكيه ضارع" قد نص على ذلك الفاعل، ولهذا يكون الشاعر قد أجمل ذكر الفاعل أولاً ثم فصله ثانياً.

ولا ريب أن الإيضاح بعد الإبهام أو التفصيل بعد الإجمال أوقع في النفس لما هو مركوز في الطباع من أن إبهام الشيء أو إجماله مما يشوق إلى إيضاحه وتفصيله.

ثالثاً: أن نائب الفاعل هنا - وهو "يزيد" هو المقصود من المرئية، لأنها إنما قيلت من أجله، لتعداد مناقبه، وبيان مآثره، فناسب أن يطوي ذكر الباكي ويذكر المبكي عليه وهو "يزيد" ويصير عمدة في الكلام، ولو لم يسلك به الشاعر هذا الصنيع لصار "يزيد" فضلة لا عمدة في الكلام، ولأصبح الاهتمام موجهاً إلى الباكي لا إلى المبكي عليه، وذلك مما لا يناسب مقام الرثاء، ولا يتفق وغرض الشاعر.

رابعاً: أن الشاعر لما قال: لبيك يزيده فاسند الفعل إلى نائب الفاعل كان الكلام بذلك قد تم وليس محتاجاً إلى فاعل ليتم به، ولكنه لما ذكر

<<  <   >  >>