للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زمان هو العبد المقر بذله ... يراوح أبناء القرى ويغادى

أي: إن بني مروان هم الذين قد رفعوا من قدر الحجاج، ولولاهم لظل علي خسته ووضاعته عبداً من عبيد إباد، أيام أن كان معروفاً بعبوديته مقراً بذلته ومهانته، يعلم صبيان القري في الصباح والمساء، فقد كان الحجاج - كما قالو - معلم صبيان، ملقباً بكليب، وفيه يقول الشاعر:

أينسى كليب زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر؟ !

رغيف له فلكة ما ترى ... وآخر كالقمر الأزهر؟ !

وقد يكون الغرض من تعريف المسند هو: الإشارة إلى بلوغ المسند إليه في الصفة حد الكمال او أنه بلغ فيها حقيقتها المتخيلة في الذهن: وذلك ما تجد في قولهم. (هو البطل المحامى) أي: أنه هو البطل الذي بلغ في صفة البطولة حد الكمال، أو أنه بلغ فيها حقيقتها المتخيلة في الذهن.

ومثله ما تجده في قول ابن الرومى:

هو الرجل المشروك في جل ماله ... ولكنه بالمجد والحمد مفرد.

أي: إذا تصورت في ذهنك رجلا يشرك، في معظم أمواله، عفاته وجيرانه، ومعارفه فإنه هو ذلك

الرجل (١)

ومثله ما تجده في قول المجنون، قيس بن الملوح:

أنا الفاحل المهموم والقائم الذي ... يراعي الثريا، والخليون نوم (٢)

أي: إذا تصورت في ذهنك، رجلاً أضناء الوجد وأسقمته الهموم يقوم الليل مشدود البصر إلى النجوم في الوقت الذي يسعد فيه الخليون بالنوم والراحة والمتعة، فأنا ذلك الرجل.


(١) الدلائل ص ١٤١.
(٢) ديوان مجنون ليلي ص ٤٤.

<<  <   >  >>