للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الرغم من أن انفصال البلاغة عن النقد الأدبي قد أدى إلى انحطاطهما - كما رأيت - فإن النقاد المعاصرين قد انقسموا حيال هذه القضية إلى فريقين:

ففريق يرى في جلاء ووضوح، بأن معنى النقد شامل البلاغة والنقد الأدبي، بل وبأن البلاغة جزء من النقد الأدبي، وبأنها من أسس النقد الأدبي عند العرب، ومن هذا الفريق الدكتور أحمد بدوي، فهو يقول: "لم يعرف العرب عبارة "النقد الأدبي" - كما رجحنا - ولذا كان من الطبيعي ألا يتحدثوا عنه بهذا التعبير، ولكنهم تحدثوا عن بعض علومه، وهي علوم البلاغة التي أخذت تتميز بالعناية من بين أسس النقد الأدبي" (١).

وهذا الرأي الذي نطمئن إليه، لأنه يستقي براهينه من ينابيع الثقافة العربية الأصيلة، ويستمد شواهده من تراثها الأدبي وتؤيده اتجاهات النقاد الأوائل في نقدهم النصوص الأدبية - كما سبق أن أسلفنا -.

وفريق آخر يفرق بين البلاغة والنقد الأدبي، بل ويحاول التفريق بين البلاغة والنقد بعامة، حتى لكأن البلاغة ليست نقداً ومن هذا الفريق الأستاذ أحمد أمين فهو يفرق بين البلاغة والنقد من وجهين:

الأول: أن البلاغة تغلب فيها الناحية الفنية، فهي تقصد أكثر ما تقصد إلى تمرين المتعلم أن يأتي بقطع بليغة، أما النقد: فهو يوضح النظريات التي تقدر بها تلك القطع.

والثاني: أن البلاغة أكثر ما تعني بالشكل وصورة الكلام، أما النقد فيتعلق بما وراء الشكل (٢).


(١) أسس النقد الأدبي عند العرب د. أحمد بدوي صـ ١٠٨.
(٢) ... النقد الأدبي لأحمد أمين صـ ١٧.

<<  <   >  >>