للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكتب السعد:

" (فإن الناس إلخ) بيان لوجه ربط الكلام بما قبله، وأصل التركيب: (الناس مُقل ومكثر) لا غير، فزيد لفظ (بَين) بمعنى: أنه محاط بهما، متردد بينهما، لا يتجاوزهما، وكلمة (مِن) بمعنى: أنه كائن من بينهما، لا يبتدأ من موضع آخر.

وحصر المُقل في طالب الدنيا فقط؛ لأن طالب الآخرة بحيث لا يحتاج إلى طلب حسنة في الدنيا - لا يوجد في الدنيا.

وقيل: لأن ذلك ليس بمشروع؛ لأن الإنسان محتفٍ بآفات الدنيا فلابد من الاستعاذة عنها أيضا.

ورد: بأن عدم المشروعية في طالب الدنيا فقط أشد، وأيضا الحكم إنما هو بوجود القسمين، لا بمشروعيتهما، على أن قولنا: منهم كذا ومنهم كذا، لا يفيد الحصر، بل ربما يشعر بوجود قسم آخر، لكنه فسره بذلك على وفق الوجود. " (١) أهـ

وقال (ش) بعد نقل [عبار] (٢) (ك) (٣):

" وههنا فائدة وهي: أن (مِن بين) تستعمل للتقسيم استعمالا فصيحا، كما في عبارة الزمخشري.

قال المدقق (٤) في الكشف: " أصله فإن الناس مقل ومكثر، على التقسيم، فزيدت (بين)؛ تصويرا للإحاطة وعدم التجاوز؛ ليصير من باب الكناية (٥)، التي هي أبلغ.


(١) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٢ / ب).
وينظر: مفاتيح الغيب (٥/ ٣٣٦)، غرائب القرآن (١/ ٥٦٧).
(٢) في ب: عبارة. وما في ب هو الصحيح.
(٣) تفسير الكشاف (١/ ٢٤٨) آخر عبارة للكشاف صـ (١٢٩).
(٤) يقصد به: عمر بن عبد الرحمن صاحب حاشية على الكشاف، سبقت ترجمته صـ (٩٧) من هذا التحقيق.
(٥) الكناية: هي لفظ أريد به غيرُ معناهُ الذي وضع له، مع جواز إرادة المعنى الأصلي، لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته. نحو: فلانة نئوم الضحى، وتقصد أنها مترفة مخدومة لها من يكفيها أمرها من الخدم والحشم، فهم يقومون بتدبير شئون المنزل، فلا تحتاج إلى القيام مبكرا من النوم.
ينظر: مفتاح العلوم (١/ ٤٠٢)، جواهر البلاغة (١/ ٢٨٦)، علوم البلاغة (١/ ٣٠١).

<<  <   >  >>