للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أُوْلَئِكَ}

ــ

{أُوْلَئِكَ} قال (ك):

" الداعون بالحسنتين {لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا} (١) أي نصيب من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة، وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة.

أو من أجل ما كسبوا، كقوله: {مِّمَّا خَطِيآتِهِمْ أُغْرِقُوا} (٢) أو لهم نصيب مما دعوا به (٣)، يعطيهم منه ما يستوجبونه بحسب مصالحهم في الدنيا (٤)، واستحقاقهم في الآخرة.

وسمي الدعاء كسبا (٥)؛ لأنه من الأعمال، والأعمال موصوفة بالكسب (٦): (بما كسبت أيديكم) (٧)، ويجوز أن يكون {أُوْلَئِكَ} إلى الفريقين جميعا، وأن لكل فريق [منهم] (٨) نصيبا من جنس ما كسبوا". (٩)


(١) سورة: البقرة، الآية: ٢٠٢.
(٢) سورة: نوح، الآية: ٢٥.
(٣) ينظر: مدارك التنزيل (١/ ١٧٣)، غرائب القرآن (١/ ٥٦٩)، محاسن التأويل (٢/ ٧٩) [لمحمد جمال الدين القاسمي ت: ١٣٣٢ هـ، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية - بيروت، ط: الأولى - ١٤١٨ هـ].
إلا أن الإمام الشوكاني ضعف الاحتمال الثاني فقال: " وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {مِّمَّا كَسَبُوا} التَّعْلِيلُ، أَيْ: مِنْ أَجْلِ مَا كَسَبُوا، وَهُوَ بَعِيدٌ." فتح القدير (١/ ٢٣٥).
(٤) تبعا لمذهب الإمام الزمخشري الاعتزالي: في وجوب فعل الصلاح والأصلح على الله لعباده.
(٥) قال الزجاج في " معاني القرآن وإعرابه " (١/ ٢٧٥): " كسبهم ههنا الذي ذكر هو الدعاءُ."
(٦) الْكَسْبُ: مصدر كَسَبَ يقال: كَسَبَ الْمَال: ربحه، وَالْإِثْم: تحمله، وَالشَّيْء: جمعه، والْكَسْبُ: يُطْلَقُ عَلَى مَا يَنَالُهُ الْمَرْءُ بِعَمَلِهِ فَيَكُونُ كَسْبَهُ وَمُكْتَسَبَهُ، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦].
ينظر: شمس العلوم - مادة كسب (٩/ ٥٨٣٢)، المعجم الوسيط - حرف الكاف (٢/ ٧٨٦).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٥/ ٣٣٨) ما ملخصه: " الْكَسْبُ: يُطْلَقُ عَلَى مَا يَنَالُهُ الْمَرْءُ بِعَمَلِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَرَّ مَنْفَعَةٍ أَوْ دَفْعَ مَضَرَّةٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُقَالُ فِي الْأَرْبَاحِ: إِنَّهَا كَسْبُ فُلَانٍ، فلَا يُرَادُ إِلَّا الرِّبْحُ، فَأَمَّا الَّذِي يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّ الْكَسْبَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْخَلْقِ فَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ فِي الْكَلَامِ."
(٧) إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠].
(٨) في ب: عنهم. والمثبت أعلى هو الصحيح.
(٩) تفسير الكشاف (١/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>