للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن النفوسَ تكرَهُه وتنفِرُ عنه، والجملة اعتراضية دالَّةٌ على أن في القتال خيراً لهم.

{وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْ‍ئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} وهو جميع ما نُهوا عنه من الأمور المستلَذة.

ــ

" يعني أن جميع ما كلف به الإنسان وارد على هذا الطريق، حيث تكرهه النفوس، ويشق عليها، ولا يلزم منه كراهية حكم الله، ومحبة خلافه - وهو ينافي كمال التصديق -؛ لأن معناه كراهة نفس ذلك الفعل ومشقته، كوجع الضرب في الحد، مع كمال الرضى بالحكم والإذعان له، كما تقول: إن الكل بقضاء الله ومشيئته، مع أن البعض فعله مكروه منكر غاية الإنكار: كالقبائح والشرور." (١) سعد

وفي (ز):

" إن قيل: الخطاب في الآية للمؤمنين، فكيف يخاطبهم بأن ما كتب عليكم وكلفتم به كره لكم، وهو يشعر بكراهتهم لحكم الله وتكليفه، وذلك غير جائز؛ لأن المؤمن لا يكون ساخطا لأوامر الله وتكاليفه، بل يرضى بذلك ويحبه، ويعلم أن فيه صلاحه، وفي تركه فساده؟

والجواب: أن المراد من كونه كرها: كونه ثقيلا شاقا على نفسه، وما كان كذلك يكرهه الإنسان بطبعه، وإن أحبه المؤمن بعقله واعتقاده.

وكراهة الطبع لا تنافي الإيمان، بل تحقق معنى العبودية؛ لأن التكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة، ومدار أمر الدين ليس إلا مخالفة الهوى، واختيار جانب المولى، وتحمل [مشقة] (٢) اتباع الشرع، وعدم الالتفات إلى نفرة الطبع.

وأما كراهة الاعتقاد فهي من صفات المنافقين قال: {وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (٣)." (٤) أهـ

(فإن النفوس تكرهه) هي عبارة (ك) (٥)، وعبارة (ق):

" فإن الطبع يكرهه، وهو مناط صلاحهم، وسبب فلاحهم." (٦)

(وهو جميع ما نهوا عنه): " فإن النفس تحبه وتهواه، وهو يفضي بها إلى الردى (٧).


(١) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٥ / ب).
(٢) في ب: مشاق. والمثبت أعلى هو الصحيح.
(٣) سورة: التوبة، الآية: ٥٤.
(٤) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٥١٦).
وينظر: مفاتيح الغيب (٦/ ٣٨٥).
(٥) عبارة الإمام الزمخشري الأخيرة صـ (٣٥٠) من هذا الجزء من التحقيق.
(٦) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٦).
(٧) الردى: الهلاك. ينظر: شمس العلوم - مادة ردى (٤/ ٢٤٧٦).

<<  <   >  >>