يقصد أن التعجب أمر نسبي، أي: بالنسبة للشخص المتعجِب، وليس بسبب شاء في ذات المتعجَب منه، فهو بسبب جهل الشخص أو علمه بالسبب. فقد يكون الشئ عجيبا بالنسبة لشخص؛ لأنه لا يعرف السبب، ويكون نفس الشئ غير عجيب بالنسبة لشخص آخر عارف بالسبب.(٢) تعددت تعريفات العلماء للتعجب، ومن هذه التعريفات:أن التَّعَجُّبِ اسْتِعْظَامُ صِفَةٍ خَرَجَ بِهَا الْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ عَنْ نَظَائِرِهِ، قَالَه ابْنُ الصَّائِغِ.ومنها: أن التَّعَجُّبِ تَعْظِيمُ الْأَمْرِ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ؛ لِأَنَّ التَّعَجُّبَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ نَظَائِرِهِ وَأَشْكَالِهِ، قَالَه الزَّمَخْشَرِيُّ.ومن العلماء من يرى: أن الْمَطْلُوبُ فِي التَّعَجُّبِ الْإِبْهَامُ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ أَنْ يَتَعَجَّبُوا مِمَّا لَا يُعْرَفُ سَبَبُهُ، وَكُلَّمَا اسْتُبْهِمَ السَّبَبُ كَانَ التَّعَجُّبُ أَحْسَنَ، فَأَصْلُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَعْنَى الْخَفِيِّ سَبَبُهُ، قَالَه الرُّمَّانِيُّ.وبناءً على هذه التعريفات قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا يُوصَفُ تَعَالَى بِالتَّعَجُّبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْظَامٌ يَصْحَبُهُ الْجَهْلُ، وَهُوَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا تعبر جماعة بالتعجيب بَدَلَهُ: أَيْ أَنَّهُ تَعْجِيبٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُخَاطِبِينَ، فإِذَا وَرَدَ التَّعَجُّبُ مِنَ اللَّهِ صُرِفَ إِلَى الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: ١٧٥] أَيْ: هَؤُلَاءِ يَجِبُ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُمْ. ... ينظر: البرهان (٢/ ٣١٧)، الإتقان (٣/ ٢٥٩).(٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٦ / ب).(٤) أي: محبة الله ورسوله كما تفسره الرواية القادمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute